الاحتلال المغربي يتلقى صفعة من لندن وركلة من واشنطن.. ما موقف المملكة المتحدة من القضية الصحراوية؟

أكدت المملكة المتحدة على انسجام موقفها مع موقف الأمم المتحدة الذي يؤكّد حق الشعب الصحراوي غير القابل للتصرّف في تقرير المصير، وهو ما يتبيّن على الموقع الرسمي للبرلمان البريطاني من خلال جواب مكتوب على لسان ديفيد روتلي باسم وزارة الخارجية والتعاون والكومنويلث.

وذكرت وكالة الأنباء الصحراوية (وأص) أنّ ديفيد روتلي، قد أكد باسم وزارة الخارجية والتعاون والكومنويلث، على أنّ الأمم المتحدة لا تعتبر المملكة المغربية قوة مديرة لإقليم الصحراء الغربية ولا تسجّلها بتلك الصفة ضمن لائحة الأقاليم غير المتمتعة بالاستقلال الذاتي.

وكانت مجموعة من البرلمانيين البريطانيين من مختلف الأحزاب، قد قدّمت أسئلة إلى الحكومة البريطانية حول موقفها من قضية الصحراء الغربية ومدى احترامها لمواثيق الأمم المتحدة وحرصها على ضمان الحقوق الاقتصادية وحماية حقوق الشعب الصحراوي ولاسيما المواطنين العزل في الأراضي المحتلة من الصحراء الغربية وحقهم في حرية التعبير والتجمهر وكذا أسئلة تخصّ دور الشركات البريطانية في ميدان مشاريع الطاقة المتجدّدة والأيكولوجية والزراعة المستدامة في الصحراء الغربية.

وفي هذا الإطار، كان رد وزارة الخارجية البريطانية واضحا ويؤكّد الموقف التقليدي، حيث جدّد ديفيد روتلي دعم المملكة المتحدة للجهود التي تقودها الأمم المتحدة بقيادة الأمين العام ومبعوثه الشخصي، ستافان دي مستورا، للتوصل إلى حل سياسي عادل ودائم ومقبول على أساس التسوية والذي سيوفّر لشعب الصحراء الغربية الحق في تقرير المصير.

وأضاف المصدر ذاته “نحن ندعم بقوة عمل ستافان دي ميستورا، المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة وسنواصل تشجيع المشاركة البناءة في العملية السياسية”. كما أكد على أنّ الاتفاقيات الثنائية مع المغرب والمتعلقة بالطاقة النظيفة والمتجددة الموقّع بين الطرفين سنة 2023 لا تقام في إقليم الصحراء الغربية حيث لا توجد حاليا مشاريع لشركات بريطانية في المنطقة.

كما أكد على أنّ المملكة المتحدة تلتزم بحماية حقوق الإنسان بالصحراء الغربية وتناقشها مع جميع الأطراف وتحثّ على أن تكون مسألة احترام حقوق الإنسان مدرجة ضمن قرارات مجلس الأمن للأمم المتحدة.

تقرير أمريكي يدين الاحتلال المغربي

ومن جانب آخر، قدّم تقرير لكتابة الدولة الأمريكية حول حقوق الإنسان، صورة قاتمة عن وضعية حقوق الإنسان في المغرب وفي الصحراء الغربية المحتلة، مشيرا إلى عديد الانتهاكات المسجّلة في سنة 2023.

وذكر التقرير، الذي وجّه انتقادات شديدة للسلطات المغربية، بسلسلة من الانتهاكات المرتبطة بعدم احترام حقوق الإنسان، مشيرا بشكل خاص إلى حالات التعذيب أثناء الاعتقال والمعاملات القاسية وغير الإنسانية أو المهينة، من أفراد قوات الأمن تجاه المتظاهرين المطالبين باستقلال الصحراء الغربية.

وأضافت نفس الوثيقة، أنّ السلطات المغربية قامت في 2023، بالتضييق على حرية التعبير والتجمّع وتكوين الجمعيات، وسجن الصحفيين ومناضلي حقوق الإنسان، واللجوء إلى التهديدات والتحرش وإلى استعمال القوة المفرطة ضدّ المتظاهرين السلميين، وكذا التعذيب من أجل الحصول على الاعترافات.

كما جاء في التقرير ذاته، أنّ “الهيئات الحكومية والمنظمات غير الحكومية، قد تلقوا تقارير تشير إلى سوء المعاملة ضدّ الأشخاص الذين تم وضعهم رهن الاحتجاز، حيث تلقت النيابة العامة 6 شكاوى تتعلق بالتعذيب و47 شكوى تخص العنف المفرط خلال السداسي الأول”.

وأشار المصدر كذلك، إلى اتهامات تتعلق بالمعاملات المهينة التي يقوم بها المسؤولون الأمنيون المغربيون ضد المتظاهرين الصحراويين المطالبين بتحرير السجناء السياسيين، متأسفا لكون السلطات المغربية “قد رفضت الشكاوى المتعلقة بالانتهاكات في الصحراء الغربية”.

كما أشار المصدر من جانب آخر، إلى أنّ “التحقيقات حول الانتهاكات التي قامت بها الشرطة وقوات الأمن وفي مراكز الاحتجاز كانت تنقصها الشفافية”، مؤكدا أنّ تلك التحقيقات “تصطدم غالبا بالتأخر الكبير والعراقيل الإجرائية التي تسهم في الإفلات من العقاب”.

وتابع التقرير، مستندا إلى معطيات لمنظمات غير حكومية وجمعيات محلية، أنّ “الشرطة المغربية توقف أحيانا أشخاص بدون مذكرة”، وأنّ “بعض المحاكمات مسيّسة”، سيما لما يتعلق الأمر بالصحراء الغربية أو النظام الملكي.

كما تمت الإشارة، إلى أنّ “المنظمات غير الحكومية، قد أكدت على غرار السنوات السابقة، على أنّ الفساد والنفوذ خارج نطاق القضاء، يضعف استقلالية العدالة”، مع التأكيد على أن المنظمات غير الحكومية قد أعربت عن انشغالها فيما يخص ضمان محاكمة منصفة في بعض القضايا التي تحظى بتغطية إعلامية واسعة.

وأكد تقرير كتابة الدولة الأمريكية، تسجيل انتهاكات لحقوق الإنسان قام بها مسؤولون أمنيون ضد صحراويين، بما فيها عمليات احتجاز تعسفية، حيث أشارت كل من منظمة العفو الدولية والشفافية الدولية، إلى تضييقات تعسفية حول الحق في حرية الاجتماع والتجمع السلمي، سيما بالنسبة للأشخاص المساندين لاستقلال الصحراء الغربية، مشيرة إلى أنّ السلطات المغربية المحتلة “ترفض تلقائيا طلبات تسجيل الجمعيات الصحراوية للدفاع عن حقوق الإنسان”.

في هذا الصدد، صرحت عديد المنظمات المستقلة وبعض المنظمات غير الحكومية للدفاع عن حقوق الإنسان في الصحراء الغربية، بأنّ تقديم طلبات لتنظيم مظاهرات في السنوات الأخيرة، قد سجلت تراجعا، لأنّ الشرطة المغربية نادرا ما توافق عليها.

وذكر التقرير، بأنه “لم يسمح للمفوض السامي لحقوق الإنسان، وللسنة الثامنة على التوالي بزيارة الصحراء الغربية، في الوقت الذي باشر فيه المغرب في الفاتح جانفي الماضي عهدة مدتها ثلاثة سنوات على رأس مجلس حقوق الإنسان الأممي”.

القمع الممنهج

وتابع ذات التقرير، أنّ “الحكومة المغربية لم توجه دعوات دائمة لحاملي تراخيص بموجب الإجراءات الخاصة للأمم المتحدة”، كما واصلت الحكومة تأجيل أو عدم الرد على طلبات زيارة المقرر الخاص الأممي المعني بمسالة الإعاقة ومجموعة العمل الأممية حول الاحتجاز التعسفي”.

كما تم تسجيل عديد الانتهاكات المتعلقة بحرية التعبير والصحافة، تضيف ذات الوثيقة، التي تشير إلى توقيفات وعقوبات بسجن الصحفيين، فضلا عن اللجوء إلى قوانين مكافحة الإرهاب لمتابعة الأشخاص الذين يعبرون عن آراء مخالفة. كما أشار التقرير، إلى حالة سعيد بوقيود، الذي حكم عليه بخمس سنوات سجنا لكونه عبر على موقع فيس بوك عن رفضه لقرار الملك بتطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني.

وأكد التقرير الأمريكي، أنه اعتمد على معلومات من منظمات وطنية ودولية، منها منظمة العفو الدولية الذين انتقدوا جميعهم المتابعات الجنائية ضد الصحفيين والمتابعات المتعلقة بالتشهير، وهي القوانين التي استعملها النظام المغربي من أجل التضييق على جمعيات الدفاع عن حقوق الإنسان المستقلة والصحافة ومواقع التواصل الاجتماعي.

في ذات السياق، واصلت “منظمات غير حكومية منها جمعيات مغربية لحقوق الإنسان ومنظمة العفو الدولية ومنظمات صحراوية، تأكيدها بأن الحكومة قد سجنت أشخاص بسبب نشاطاتهم أو آرائهم السياسية بتوجيه اتهامات كاذبة تتعلق بنشطات التجسس أو اعتداءات جنسية”، يضيف التقرير ذاته، الذي أشار إلى حالات الصحفيين سليمان الريسوني وعمر راضي وعماد ستيتو، إلى جانب حالة المحامي ومناضل حقوق الإنسان والوزير السابق لحقوق الإنسان، محمد زيان.

وأضاف تقرير كتابة الدولة الأمريكي، أن منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش، قد إشارتا إلى عديد حالات التضييق على حرية التعبير. وقامت الحكومة “في هذا الخصوص بفرض إجراءات صارمة تحد من التقاء الصحفيين بممثلي المنظمات غير الحكومية والمناضلين السياسيين”.

وعليه، فإن الصحفيين الأجانب مطالبين بالحصول على موافقة وزارة الثقافة والشباب والرياضة قبل لقاء مناضلين سياسيين. وان تلك الموافقة لا يتم منحها دائما”، تضيف الوثيقة، التي تذكر بطرد الشرطة المغربية للصحفيين، كوينتن مولر وتيريز دي كامبو من المجلة الفرنسية ماريان، بعد توقيفهما بفندق بالدار البيضاء.

كما أشار المصدر من جانب آخر، إلى لجوء السلطات المغربية للتهديد والتخويف والمراقبة، سيما منهم مناضلي حقوق الإنسان، مع التأكيد على لجوء الحكومة المغربية للاستعمال “المكثف” لبرامج التجسس وتكنولوجيات المراقبة.

كما ذكر التقرير، بحالات المساس بحرية التنقل، مشيرا إلى حالة المناضل في مجال حقوق الإنسان، عبد اللطيف الحماموشي، الذي منع من التنقل إلى سراييفو للمشاركة في ندوة جامعية، وحالة المدافع عن حقوق الإنسان والجامعي، معاطي منجب، الذي لا يزال ممنوعا من السفر منذ شهر أكتوبر 2021، متجاوزا مدة السنة المنصوص عليها في القانون، وكذلك حالة، أسماء موساوي، زوجة الصحفي المسجون، توفيق بوعشرين، التي منعت من مغادرة المغرب وتمت مصادرة جواز سفرها.

من جانب آخر، أكد التقرير على أن “عددا كبيرا من المناطق الأكثر فقرا في البلاد، سيما المناطق الريفية في الأطلس الأوسط، أغلبيتهم من الأمازيغ ومعدل الأمية في أوساطهم أعلى من المعدل الوطني، وأن الخدمات الحكومية الأساسية ضعيفة في تلك المنطقة وتبقي متخلفة”.

وخلصت الوثيقة في الأخير إلى التأكيد، بأنّ “تقارير متعددة، أشارت إلى حالات فساد على مستوى الحكومة المغربية” وأنّ “72% من المواطنين يعتبرون أنّ الفساد مستشري في مؤسسات وهيئات الدولة”.

حميد سعدون

حميد سعدون

اقرأ أيضا