الباحث السياسي الجزائري عبد الرحمان بوثلجة: هذه مظاهر ازدواجية المعايير الإعلامية في التغطية العربية للعدوان الصهيوني على غزة

أبرز الأستاذ والباحث في الشؤون الدولية، عبد الرحمان بوثلجة، أنّ تعاطي الإعلام العربي مع القضية الفلسطينية ومع ما يجري من أحداثٍ ووقائع في قطاع غزّة، لا يخرج عمومًا عن اتجاهين اثنين: الأول هو اتجاهٌ حرّ داعم للقضية على غرار الإعلام الجزائري بمختلف وسائله الثقيلة التي انخرطت بشكلٍ كبير في دعم المقاومة الفلسطينية بشكلٍ مُتناغم مع الموقف الرسمي للدولة الجزائرية، وهذا يُحسب للقلم الحرّ والكلمة والصوت والضمير العربي الداعم للقضية الفلسطينية باعتبارها قضيةً عادلة لا نقاش فيها، واتجاهٌ ثانٍ متخاذل منخرط مع الأنظمة المطبعة التي لا همّ لها غير خدمة مصالح الكيان الصهيوني والمصالح الغربية والأمريكية ولو كان ذلك على حساب القضية الأم للأمة العربية.

وفي هذا الصدد، أوضح الأستاذ بوثلجة، في تصريح لـ “الأيام نيوز”، أنّ ازدواجية المعايير التي يمارسها وبشكلٍ خاص الإعلام المطبع في المغرب سببها واضح وهو تواطأ المغرب مع هذه الدول من أجل تمكين الكيان الصهيوني في المنطقة العربية وحتى في إفريقيا، لذلك تجد أنهم يدعمونه بصفة كلية وبطريقة عمياء وذلك من أجل مصالحهم الضيقة مع المغرب من جهة، وحقدا وبغضا على المقاومة الفلسطينية والدول التي تساندها على غرار الجزائر من جهةٍ أخرى.

في السياق ذاته، أشار محدثنا إلى أنّ هذا الإعلام المطبع تجده إعلاماً مثبطا يستخف ويقزم إنجازات المقاومة الفلسطينية وفي نفس الوقت تجده يسعى جاهداً إلى تضخيم الكيان الصهيوني وتصويره على أنه المسيطر على الأرض، وهذا ما بدا واضحا وبشكلٍ جليّ من خلال التغطية الإعلامية للردّ الإيراني على استهداف “إسرائيل” قنصلية طهران في دمشق، حيث تم استخدام وتوظيف عبارات مُثبطة على غرار أنه “ردّ رمزي ومتفق عليه”، ليأتي بعدها تصريح الناطق باسم كتائب القسام أبو عبيدة والذي كان صادما حينما قال: “إنّ الردّ الإيراني على ضرب قنصليتها بدمشق بحجمه وطبيعته، أربك حسابات الكيان الصهيوني”.

على صعيدٍ متصل، أفاد الخبير في السياسة أنّ هناك قسماً من الإعلام العربي يتهم حركة المقاومة الفلسطينية “حماس” بتحالفها مع إيران التي تدعمها بالسلاح وبالمال وفي نفس الوقت يرون أن تحالفهم مع الكيان الصهيوني أمرٌ عادي بل أكثر من ذلك يتحدثون أحيانا حول مسألة تسليم “حماس” سلاحها والتحاقها بمعسكر السلام، وكأن ما يسمى بمعسكر السلام والذي يضم الكيان الصهيوني وهذه الدول ليس معسكرا للحرب.

وأردف محدث “الأيام نيوز” قائلا: “إنّ بعض الإعلام العربي المزدوج المعايير فُضح أمره خلال هذه المرحلة بطريقة كبيرة لا تدعُ مجالاً للشك، بعد أن أصبحت الشعوب العربية أكثر وعيا بخطر هذا الإعلام وبخطر رسائله التي يريد تمريرها من خلال هذه القنوات والصحف المختلفة، فالعالم قبل تاريخ السابع من أكتوبر الماضي ليس هو نفسه بعده، لذلك نجد هذا الإعلام المنحاز يتعامل بنوعٍ من النفاق حيث أنه لا يتجرأ صراحةً على إعلان دعمه المطلق لـ “إسرائيل”، وفي الوقت ذاته لا يسلط الضوء على سبيل المثال لا الحصر على المسيرات والمظاهرات الداعمة للمقاومة الفلسطينية والمُطالبة بغلق سفارات الكيان في الدول العربية وخاصةً في المغرب حيث لاحظنا العديد من المظاهرات التي طالبت بقطع العلاقات مع الاحتلال”.

وفي هذا الشأن، أبرز الأستاذ بوثلجة أن هذا الإعلام ربما يخطط لأن تنتهي هذه الحرب بطريقة معينة تساعده على العودة إلى ما كان عليه قبل معركة “طوفان الأقصى”، ونتحدث هنا عن الترويج للسلام أو لما يسمى بالاتفاقيات الإبراهيمية، ولكنه لن ينجح في ذلك لأن المقاومة الباسلة في فلسطين وصمود الشعب الفلسطيني والدعم المطلق لأحرار العالم لعدالة القضية الفلسطينية سيقف عقبةً في وجه مساعي هذا الإعلام المنبطح الذي لن يجد له مستقبلاً.

في سياق ذي صلة، أكّد المتحدث أنّ بعض الإعلام العربي، أثبت أنّه في الأساس إعلام موجه على غرار قناة سكاي نيوز التابعة للإمارات، التي تتحدث عن القضية الفلسطينية من خلال برامج ملغمة تستضيف في غالب الأحيان متدخلين من الكيان الصهيوني وبعض المتدخلين التابعين للسلطة الفلسطينية، فيما تتعمد إقصاء المتدخلين المؤيدين للمقاومة الفلسطينية وترسل دائما رسائل مسمومة تصوّر وكأن ما يجري هو حرب بين الكيان الصهيوني وحركة حماس، وأن حماس خارجة عن الإجماع الفلسطيني وأنّها أقدمت على فعل متهور بتاريخ السابع من أكتوبر الماضي.

خِتاماً، عرّج الأستاذ والباحث في الشؤون الدولية، عبد الرحمان بوثلجة، إلى أنّه وحتى في بعض الدول العربية التي من المفروض أنها تدعم المقاومة الفلسطينية نجد أنّ وسائل الإعلام فيها في تغطيتها للأحداث الجارية تكون بين بين، أي من جهة تدين الاعتداءات والانتهاكات التي يتعرض لها الفلسطينيون ومن جهة أخرى لا تنسب الفضل لأهله ولا تتحدث عما قامت به المقاومة من إنجازات وانتصارات على أرض الميدان، تتحدث فقط عن أعداد الشهداء ولا تذكر في المقابل عدد القتلى في صفوف جيش الاحتلال ولا تشير إلى الخسائر التي يتكبدها الكيان على أيدي رجالات المقاومة الأشاوس، وذلك حتى توحي دائما بأن العدوّ الإسرائيلي هو عدو لا يقهر ولا يمكن التغلب عليه، وكل ذلك يدخل في إطار سياسة التطبيع في الوطن العربي.

سهام سعدية سوماتي - الجزائر

سهام سعدية سوماتي - الجزائر

اقرأ أيضا