التنظيمات النقابية تحشد قواعدها وتستعد.. ما الذي سيحدث في المغرب ماي المقبل؟

تحشد التنظيمات النقابية في المغرب منذ أكثر من أسبوع، قواعدها النضالية تحسبا لتنظيم احتجاجات بمناسبة عيد العمال، حتى وإن كانت الوقفات السلمية في مواجهة الردة الحقوقية والتطبيع مع الكيان الصهيوني بالمملكة لا تتوقف وتكاد تكون شبه يومية، حيث دعت العديد من النقابات وفي مختلف القطاعات إلى المشاركة القوية في تظاهرات الفاتح ماي.

ويخلّد الاتحاد المغربي للشغل، الذي يضم عشرات النقابات، عيد العمال لهذا العام، تحت شعار “مستمرون في النضال من أجل العدالة الاجتماعية ودعم القضية الفلسطينية”، داعيا الطبقة العاملة في نداء الفاتح ماي لسنة 2024 إلى إنجاح الاحتجاجات التي سينظمها عبر ربوع المملكة، دفاعا عن الحقوق والمكتسبات.

كما دعا الاتحاد المغربي للشغل، الحكومة المخزنية، في بيان له بمناسبة هذه الذكرى، إلى تجاوز مقاربتها الأمنية في التعاطي مع الحق في الاحتجاجات والإضرابات ولجوئها إلى الإجراءات الانتقامية من قبيل الإمعان في الاقتطاعات والتوقيفات.

ودعت الجامعة الوطنية لموظفي التعليم (نقابة)، مناضليها وعموم عمال القطاع إلى الانخراط والمساهمة في إنجاح الاحتجاجات التي ينظمها الاتحاد المغربي للشغل من أجل مغرب الحرية والعدالة الاجتماعية.

وأكدت النقابة المغربية، أنّ هذه الذكرى تحل في المملكة المغربية، في “سياق اجتماعي متأزم ومتميز بتمدد موجة غلاء الأسعار بشكل غير مسبوق، سواء في قطاع المحروقات أو في جل المنتجات الأساسية التي تشكل المعيش اليومي للمغاربة”، داعية إلى “توحيد الصفوف وتنسيق الجهود من أجل مواجهة كل المخططات التي تستهدف العمال والدفاع عن الحقوق والمكتسبات”.

وإذ تجدد النقابة التعليمية تضامنها المطلق مع عموم الطبقة الشغيلة وعلى رأسهم الموقوفين تعسفيا، فإنها تشدد على ضرورة إرجاع الضحايا إلى عملهم وفتح الحوار وتسوية الملفات العالقة، كما تجدد رفضها لتطبيع النظام المخزني مع الكيان الصهيوني المحتل.

من جهتها، دعت الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي (نقابة) الطبقة العاملة للمشاركة القوية والحماسية في تظاهرات فاتح ماي، انطلاقا من مقرات الاتحاد المغربي للشغل عبر مختلف أرجاء البلاد تحت شعار “الوحدة والنضال لتنفيذ الاتفاقات وصون المكتسبات والدفاع عن الحقوق والحريات”.

وحثت النقابة، في بيان لها، جميع الموظفين والمستخدمين والعمال الزراعيين والفلاحين على المشاركة الوازنة في تظاهرات فاتح ماي، لإعلاء صوت الطبقة العاملة والكادحين، وللتعبير عن تطلعاتها في العيش الكريم والديمقراطية.

كما طالبت بـ”فضح استمرار الحكومة في التنصل من الاتفاقات السابقة في إطار الحوار الاجتماعي، لا سيما تحسين الدخل عبر الزيادة في الأجور والمعاشات وتخفيض الضغط الضريبي عليها لحماية القدرة الشرائية للطبقة العاملة وعموم الأجراء”، مشددة على “رفضها المطلق لأي قانون تكبيلي للحق في الإضراب ولأي تراجع عن المكتسبات في مجال التقاعد أو ضرب للحقوق القانونية المتضمنة في قانون الشغل رغم ما يعانيه من نقائص”.

وعبرت ذات النقابة على “وحدة عمال القطاع الفلاحي وعموم الطبقة العاملة إلى جانب باقي القوى الديمقراطية، في مواجهة الردة الحقوقية واستمرار الاعتقال لأسباب سياسية وبسبب التعبير عن الرأي”، مجددة إدانتها القوية للتطبيع  مع الكيان الصهيوني ومعربة عن “مساندتها لكفاح الشعب الفلسطيني من أجل تحرير أرضه وبناء دولته المستقلة على كامل تراب فلسطين (..)”.

بدورها، دعت الهيئة الوطنية للمتقاعدين التابعة للاتحاد المغربي للشغل، للحضور المكثف في تظاهرات فاتح ماي عبر ربوع الوطن من أجل التعبير عن الغضب الذي آل إليه الوضع الاجتماعي بالمغرب، وللاحتجاج على الحكومة لدفعها الى الاستجابة للمطالب العادلة والمشروعة لكل المتقاعدين وعموم الطبقة العمالية بالمغرب.

وفي وقت سابق، حذرت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل بالمغرب الحكومة المخزنية من مغبة التمادي في الإخلال بالتزاماتها الاجتماعية، داعية العمال في كل القطاعات العامة إلى الرفع من وتيرة التعبئة واليقظة والاستعداد لـ”مواجهة كل التحديات والدفاع عن الحريات والحقوق والمكتسبات والمطالب العادلة والمشروعة”.

وعلى جانب ذلك، قررت ثمان نقابات في القطاع الصحي في المغرب الاستمرار في سياسة التصعيد والاحتجاج تنديدا بعدم التزام السلطات في البلد بتلبية المطالب المشروعة للأسرة الصحية بكل فئاتها، إذ أعلن التنسيق النقابي الوطني بقطاع الصحة تسطير برنامج نضالي يتضمن شل مستشفيات المغرب في ماي المقبل، إضافة إلى وقفات احتجاجية وإنزال ممركز بمدينة الرباط.

شلّ المستشفيات العمومية في ماي المقبل

وأعلن التنسيق النقابي الوطني لقطاع الصحة، مساء يوم الأحد، خوضه لإضراب وطني جديد يومي 7 و8 ماي القادم، عبر كل المؤسسات الصحية، مع استثناء أقسام الإستعجالات والإنعاش، وهو السادس من نوعه في أقل من شهرين وذلك بسبب “استمرار تجاهل الحكومة وتعنتها في الاستجابة لمطالب وانشغالات عمال القطاع”، عقب الإضراب الوطني الذي عرفه القطاع، يومي 24 و25 أفريل.

وتابع التنسيق، في البيان، يقول أنه “قرر القيام، يوم 9 ماي، بوقفات احتجاجية إقليمية وجهوية، بمعدل ساعة يوميا، فضلا عن إنزال وطني للعمال في قطاع الصحة، بكل فئاته بالرباط، مصحوبة بإضراب وطني، يوم 26 ماي المقبل”. و”في حالة عدم التجاوب الجدي والمسؤول للحكومة”، يضيف التنسيق، “ستتم متابعة البرنامج الاحتجاجي بصيغ نضالية نوعية وغير مسبوقة”.

وأكد التنسيق، “مرة أخرى، على ضرورة الحفاظ على كل حقوق ومكتسبات مهني الصحة، وعلى رأسها صفة موظف عمومي، وتدبير المناصب المالية والأجور من الميزانية العامة للدولة، مع الحفاظ على الوضعيات الإدارية الحالية المقررة في النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية وكل الضمانات التي يكفلها”. كما أكد “تشبثه بكل مضامين الاتفاقات ومحاضر الاجتماعات الموقعة بين وزارة الصحة وكل النقابات، في شقها المادي والمعنوي والقانوني”.

وختم التنسيق بيانه بـ”الاعتذار على ما قد يلحق المواطنين بسبب تعطل للخدمات الصحية”، محملا “مسؤولية هذا الاحتقان بقطاع الصحة، وما قد يترتب عن الإضرابات” لـ”الحكومة التي لم تلتزم بتعهداتها في تثمين مهنيي الصحة، مما يؤثر سلبا على إنجاح ورشات إصلاح المنظومة الصحية في البلد”.

ولم ينجح توقيع الحكومة وست نقابات، في 26 جانفي الماضي، على اتفاق ينص على زيادة عامة على الأجر الثابت قيمتها 1500 درهم مغربي (نحو 150 دولارا أميركيا) صافية لمصلحة اطارات هيئة الممرضين وتقنيي الصحة والممرضين المساعدين والممرضين الإعداديين، في إخماد نار الاحتقان في القطاع حتى الساعة.

ويأتي الإضراب الجديد الذي يشمل جميع المستشفيات الحكومية في المملكة، باستثناء أقسام الطوارئ والإنعاش، عقب سلسلة من الاحتجاجات والإضرابات، التي انطلقت في 29 فيفري الماضي للمطالبة بما جرى التوافق عليه من نقاط، وبالالتزامات الحكومية السابقة، مع استئناف التفاوض حول النقاط المطلبية المتبقية.

وكان التنسيق النقابي قد شدد من قبل على “ضرورة تفاعل الحكومة مع مطالب العمال الصحية بكل فئاتها واستجابتها لمطالبها المشروعة وتنفيذ جميع مضامين الاتفاقات الموقعة مع النقابات، والتي ترتبط بتحقيق المطالب المشروعة والعادلة للأسرة الصحية بكل فئاتها وفي شموليتها ماديا ومعنويا ومن أجل مواجهة التهميش الحكومي لهذا القطاع الحيوي، الذي يجب أن يضمن خدمات صحية جيدة للمواطنين، وضد التنكر لمجهودات ومعاناة وتضحيات العاملين في قطاع الصحة الذين يعتبرون الحجر الأساسي لإنجاح أي إصلاح للمنظومة الصحية”.

وتشهد أغلب قطاعات الوظيفة العمومية بالمغرب احتجاجات واسعة غير مسبوقة ضد الحيف واللامساواة والتمييز السلبي وتجاهل المطالب المشروعة للعمال، بعدما أظهرت الحكومة الحالية فشلها في تدبير الشأن العام وامتصاص عدوى الغضب الشعبي التي تمدد إلى كل مكونات المجتمع بمختلف فئاته.

حميد سعدون

حميد سعدون

اقرأ أيضا