نددت الجزائر، بصمت مجلس الأمن الدولي إزاء “الفظائع” المرتكبة في قطاع غزة، وذلك عقب استئناف الكيان الصهيوني عدوانه الواسع على القطاع، معتبرا أن هذه الهجمات تشكل انتهاكًا لاتفاق وقف إطلاق النار.
وشدد الممثل الدائم للجزائر لدى الأمم المتحدة، عمار بن جامع، خلال اجتماع مجلس الأمن أمس الثلاثاء، لبحث الوضع في الشرق الأوسط، لا سيما القضية الفلسطينية، قائلاً: “نحن شهود على موجة جديدة من العقاب الجماعي المفروض على سكان غزة”، مذكّرًا جميع الأطراف بأن “القرار 2735 يضمن الحفاظ على وقف إطلاق النار طالما أن المفاوضات جارية”.
وأكد الدبلوماسي الجزائري على مسؤولية الوسطاء، المتمثلين في الولايات المتحدة ومصر وقطر، في ضمان احترام اتفاق وقف إطلاق النار، معربًا عن أسفه لـ”استغلال الدم الفلسطيني مرة أخرى لخدمة الحسابات السياسية” من قبل السياسيين الصهاينة.
وأشار بن جامع إلى أن هذا الاجتماع لا يهدف إلى مجرد “التذكير بالحرمان والمعاناة” التي يواجهها الشعب الفلسطيني، بل هو “نداء لتحقيق العدالة ضد سلطة الاحتلال التي تستخدم التجويع كسلاح حرب”.
وشدد السفير الجزائري على أن “الأمر يتعلق، دون أدنى شك، بجريمة حرب”، مؤكدًا أن “الوقت قد حان لمحاسبة المسؤولين عنها”.
وأضاف الممثل الدائم للجزائر لدى الأمم المتحدة أن “العالم لم يعد بإمكانه تجاهل الواقع القاتم للاحتلال”، معتبرًا أن “حقيقة الاحتلال الصهيوني التي طال تجاهلها لم يعد من الممكن إخفاؤها اليوم”، مشيرًا إلى أن الجزائريين “يدركون جيدًا وحشية وقمع الاحتلال”، بحكم معاناتهم منه لأزيد من 130 عامًا.
الاحتلال يستخدم التجويع كسلاح حرب
وقال بن جامع: “إن الاحتلال، الذي يعد الفصل الأكثر فظاعة وشناعة في التاريخ الحديث، لا يزال يعيث فسادًا، ويجب وضع حد له حيثما وجد”، لافتا إلى أنه لم يُسمح بدخول أي شاحنة مساعدات إلى غزة منذ أكثر من أسبوعين، مؤكدًا أن “هذا الحصار المتعمد، الذي تزامن بشكل مبرمج مع شهر رمضان المبارك، هو محاولة مدروسة لكسر صمود الشعب الفلسطيني”.
وأعرب الدبلوماسي الجزائري عن استنكاره للوضع المأساوي الذي يعيشه سكان غزة، حيث “بعد معاناة حقيقية مع المجاعة لما يقارب 18 شهرًا، فقد 80 بالمائة من سكان القطاع مصادر قوتهم”، مضيفًا أن “القوة المحتلة لا تكتفي بذلك، بل تستخدم الماء كسلاح حرب، وكأن تجويع الشعب الفلسطيني لم يعد كافيًا”.
وندد الممثل الدائم للجزائر لدى الأمم المتحدة، بممارسات الاحتلال التي لم تقتصر على تعليق المساعدات، بل استهدفت أيضًا منظومة الغذاء بأكملها في غزة، مما يحرم السكان من الغذاء اليومي، ويجعل مستقبلهم أكثر صعوبة.
مجلس الأمن في قفص الاتهام
وذكّر السفير الجزائري بأن محكمة العدل الدولية أمرت القوة المحتلة باتخاذ جميع التدابير اللازمة بشكل فوري لضمان إيصال المساعدات الإنسانية العاجلة إلى سكان غزة دون عوائق، كما دعا مجلس الأمن في قراراته إلى ضمان وصول المساعدات بشكل آمن ودون قيود.
واختتم بن جامع كلمته بالقول: “في غزة، نشهد اليوم التدهور الممنهج للكرامة الإنسانية، والحرمان الصارخ من حقوق العيش، وحق الغذاء والماء، إلى جانب تلاشي القيم والمبادئ التي ينبغي أن تشكل أساس النظام الدولي، مثل المساواة والعدالة والإنسانية”، مؤكدًا أن الاحتلال الصهيوني يمارس “وحشيته الجلية دون أدنى احترام لحياة الأبرياء”.
وفي ظل استمرار هذه الفظائع، أعرب الدبلوماسي الجزائري عن أسفه لصمت مجلس الأمن، معتبرًا أن هذا الصمت يثير تساؤلات جدية حول مصداقيته، متسائلًا: “هل سيجرؤ يومًا على تحمل مسؤولياته، أو التحرك لوضع حد لهذه المجازر وحماية ما تبقى من القيم الإنسانية؟”.
واستأنف الاحتلال الصهيوني، فجر الثلاثاء، عدوانه على قطاع غزة، مخترقا الهدنة التي تعتبر “هشة” استمرت لنحو شهرين، كانت قد بدأت في جانفي الماضي بوساطة مصرية – قطرية – أمريكية، ونفذت سلسلة غارات جوية مكثفة وأحزمة نارية على عدة مناطق في القطاع.
وتسبب العدوان الصهيوني، وفقا لوزارة الصحة الفلسطينية، باستشهاد أكثر من 400 فلسطيني وإصابة أكثر من 560 آخرين.
من جانبها، اتهمت حركة “حماس” نتنياهو بالانقلاب على اتفاق وقف إطلاق النار والتنصل من جميع التزاماته، داعية “أبناء الأمتين العربية والإسلامية وأحرار العالم للتظاهر رفضا لاستئناف الحرب”.