عدد الأستاذ عبد الرحمان نعجة العفيفي، أستاذ المالية والصيرفة الإسلامية ورئيس فرقة بحث الدراسات المالية الإسلامية في مخبر الدراسات المالية والمحاسبية بكلية العلوم الاقتصادية بجامعة سيدي بلعباس، في حوار مع “الأيام نيوز”، أبرز التحديات التي تواجه البنوك الإسلامية في الجزائر في ظل التحول الرقمي. وأشار إلى أن هذا الانتقال يُمثل فرصة حقيقية لتعزيز كفاءة البنوك الإسلامية وزيادة جاذبيتها، لكنه في الوقت ذاته يفرض تحديات تقنية وتشريعية وشرعية تستوجب معالجتها بحذر لضمان الامتثال الكامل لمبادئ الصيرفة الإسلامية.
وأوضح أن نجاح هذه البنوك في التحول الرقمي يعتمد على تطوير البنية التحتية التكنولوجية، وتعزيز الأمان السيبراني، وتدريب الكوادر البشرية، بالإضافة إلى تكييف التشريعات المصرفية مع المتطلبات الرقمية الحديثة. كما أكد أن الوصول إلى نموذج متكامل للصيرفة الإسلامية الرقمية يتطلب استراتيجية شاملة، تتيح الاستفادة من التقنيات المتطورة مع الحفاظ على الهوية الشرعية لهذه المؤسسات المالية.
الأيام نيوز: بدايةً، أستاذ، ما مدى مساهمة التحول الرقمي في رفع كفاءة البنوك الإسلامية وتحسين خدماتها مقارنةً بالنظام التقليدي؟
عبد الرحمان نعجة العفيفي: لا شك أن التحول الرقمي أصبح عاملًا رئيسيًا في تعزيز كفاءة البنوك الإسلامية، حيث يساهم في تحسين تجربة العملاء، وزيادة الكفاءة التشغيلية، وتعزيز الشفافية، وتوسيع نطاق الخدمات المالية. فالخدمات المصرفية عبر الإنترنت والهاتف المحمول، أو ما يُعرف بـ”الأونلاين بانكينغ”، تتيح للزبائن إجراء معاملاتهم المالية في أي وقت ومن أي مكان، مما يوفر راحة ومرونة غير مسبوقة مقارنة بالنظام التقليدي. كما أن استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات الضخمة يمكّن من تقديم خدمات مصرفية مخصصة تلبي احتياجات العملاء بدقة أكبر.
على مستوى التشغيل، تسهم الأتمتة في تقليل الأخطاء البشرية وتسريع العمليات، سواء في دراسة ملفات التمويل، أو الموافقات على القروض، أو حتى إدارة الحسابات. كذلك، يساعد التحول الرقمي في تقليل التكاليف التشغيلية، حيث يمكن للبنوك تقليص عدد الفروع المادية والاستعانة بالحلول الرقمية لتنفيذ العديد من المهام التي كانت تتطلب سابقًا تدخلًا بشريًا مباشرًا. في بعض البنوك الإسلامية، أصبح بإمكان موظف واحد تنفيذ مهام كانت تحتاج إلى عدة موظفين، مما خفّض التكاليف ورفع الكفاءة.
أما من ناحية الشفافية، فتُقدّم تقنية البلوكشين حلولًا مبتكرة لضمان تسجيل المعاملات المالية بطريقة غير قابلة للتلاعب، وهو أمر في غاية الأهمية للبنوك الإسلامية التي تعتمد على مبادئ الشريعة. كما أصبح الامتثال الآلي أداة مستخدمة في بعض المؤسسات المالية الإسلامية، حيث تعتمد بعض البنوك على روبوتات المحادثة (Chatbots) لتقديم استشارات فورية حول الأحكام الشرعية للمعاملات المالية مثل المرابحة، والمضاربة، والإجارة.
يفتح التحول الرقمي المجال أمام خدمات مالية جديدة مثل التمويل الجماعي الإسلامي (Crowdfunding)، الذي يمكن أن يكون مصدر تمويل بديلًا للمؤسسات الصغيرة والناشئة التي تبحث عن حلول تمويل متوافقة مع الشريعة. كما أن تطوير منتجات جديدة مثل التكافل الرقمي والتأمين الإسلامي الإلكتروني يوفر خيارات أوسع للعملاء الراغبين في التعامل وفق النظام المالي الإسلامي دون الحاجة إلى زيارة الفروع البنكية.
من ناحية الأمان، أصبحت التقنيات البيومترية مثل بصمات الأصابع والتعرف على الوجه وسيلة فعالة لحماية حسابات العملاء، إلى جانب أنظمة التشفير المتقدمة لضمان سرية المعلومات المالية. كما يساعد الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في إدارة المخاطر، حيث يمكن للبنوك الإسلامية التنبؤ بالمخاطر المستقبلية واتخاذ إجراءات استباقية لحماية أموال المودعين.
ورغم كل هذه المزايا، لا تزال هناك تحديات تواجه البنوك الإسلامية في هذا المجال، من بينها الحاجة إلى بنية تحتية رقمية متطورة، وتدريب الموظفين على التعامل مع التقنيات الحديثة، وضمان الامتثال الكامل لمبادئ الشريعة في البيئة الرقمية. ومع ذلك، فإن الاتجاه العام واضح: مستقبل البنوك الإسلامية مرتبط بقدرتها على تبنّي الحلول الرقمية بكفاءة، وإلا ستجد نفسها خارج المنافسة في عالم يشهد تطورًا سريعًا في التكنولوجيا المالية.
الأيام نيوز: حسب رأيك، ما أبرز التحديات التي تواجه البنوك الإسلامية في الجزائر عند تبني التكنولوجيا المالية (FinTech) والرقمنة؟
عبد الرحمان نعجة العفيفي: التحول الرقمي يمثل فرصة كبيرة للبنوك الإسلامية في الجزائر، لكنه في الوقت ذاته يواجه عدة تحديات جوهرية يجب التعامل معها لضمان نجاح هذه التجربة. من بين أبرز هذه التحديات مسألة البنية التحتية التكنولوجية، حيث يبقى السؤال المطروح: هل البيئة الرقمية الحالية في الجزائر قادرة على دعم تحول رقمي شامل في القطاع المصرفي؟ في هذا السياق، هناك نقطتان أساسيتان، الأولى تتعلق بضعف البنية التحتية، إذ لا تزال بعض الأنظمة التقنية وشبكات الاتصال غير متطورة بالشكل الكافي لدعم المعاملات المالية الرقمية المتقدمة. أما النقطة الثانية فتتعلق بتكاليف التحديث، حيث يتطلب التحول الرقمي استثمارات ضخمة في التكنولوجيا والبرمجيات، وهو ما قد يشكل عبئًا ماليًا على البنوك الإسلامية التي لا تزال في مرحلة النمو.
التحدي الثاني يرتبط بالإطار القانوني والتنظيمي، حيث لا تزال التشريعات الحالية غير متكيفة بالكامل مع متطلبات التكنولوجيا المالية الحديثة. صحيح أن قانون النقد والقرض الأخير أشار إلى الرقمنة والبنوك الرقمية، لكن هذه الإشارة كانت عامة وغير تفصيلية، مما يستدعي تعديلات قانونية وتنظيمية أكثر دقة لضمان إطار واضح للصيرفة الإسلامية الرقمية. إضافة إلى ذلك، فإن الامتثال الشرعي يمثل تحديًا آخر، إذ يجب أن تتوافق جميع الحلول الرقمية مع مبادئ الشريعة الإسلامية، مما يضيف مزيدًا من التعقيد في عملية تطوير المنتجات المصرفية الرقمية.
من جهة أخرى، يمثل الأمن السيبراني أحد أكبر المخاطر التي تواجه البنوك الإسلامية عند تبني التكنولوجيا المالية. مع زيادة الاعتماد على الأنظمة الرقمية، تزداد احتمالية التعرض لهجمات إلكترونية، مما يجعل حماية بيانات العملاء والمعاملات المالية أولوية قصوى. ينبغي على البنوك الاستثمار في أنظمة متطورة للأمن السيبراني لضمان سرية بيانات العملاء ومعاملاتهم، خاصة أن فقدان الثقة في الأمان الرقمي قد يؤثر سلبًا على إقبال الجزائريين على الخدمات المصرفية الإسلامية عبر الإنترنت. كما أن اكتساب الثقة الرقمية أمر حاسم، إذ يحتاج العملاء إلى الشعور بالأمان عند استخدام التطبيقات المصرفية الرقمية، مما يستدعي بناء أنظمة حماية شفافة وقوية.
أما التحدي الرابع، فهو الكفاءة التقنية، حيث تواجه البنوك الإسلامية نقصًا في الكوادر المؤهلة لإدارة وتطوير الحلول الرقمية. فالتحول الرقمي يتطلب تدريبًا وتأهيلًا مستمرًا للموظفين لضمان قدرتهم على التعامل مع التطورات التكنولوجية المتسارعة، وكذلك المستجدات الفقهية المرتبطة بالمعاملات المالية الإسلامية. لذلك، من الضروري أن تستثمر البنوك في برامج تدريب مستمرة لموظفيها لضمان تكيفهم مع التحولات الرقمية.
وأخيرًا، هناك تحدٍ آخر يتمثل في الوصول إلى التكنولوجيا والتعاون مع الشركات التكنولوجية. بعض التقنيات المالية المتقدمة قد تكون غير متوفرة محليًا أو يصعب الوصول إليها بسبب القيود الجغرافية أو التشريعية. لذلك، تحتاج البنوك الإسلامية إلى تعزيز التعاون مع شركات التكنولوجيا المالية الناشئة (FinTech Startups)، سواء محليًا أو دوليًا، للاستفادة من الحلول المبتكرة التي يمكن أن تسهم في تطوير خدماتها الرقمية.
لمواجهة هذه التحديات، تحتاج البنوك الإسلامية في الجزائر إلى استراتيجية متكاملة تشمل الاستثمار في البنية التحتية التكنولوجية، وتطوير التشريعات المنظمة للتمويل الإسلامي الرقمي، وتعزيز الأمن السيبراني، وتدريب الكوادر البشرية، وزيادة وعي العملاء بأهمية التحول الرقمي في القطاع المصرفي الإسلامي. كما أن التعاون بين البنوك الإسلامية، الحكومة، وشركات التكنولوجيا يمكن أن يلعب دورًا محوريًا في تسهيل وتسريع هذه العملية، وجعل الصيرفة الإسلامية الرقمية خيارًا حقيقيًا وموثوقًا للعملاء الجزائريين.
الأيام نيوز: كيف يمكن توظيف التقنيات الحديثة لضمان الامتثال لأحكام الشريعة وتعزيز الشفافية في الصيرفة الإسلامية؟
عبد الرحمان نعجة العفيفي: لا شك أن توظيف التكنولوجيا الحديثة يمكن أن يسهم بشكل كبير في ضمان الامتثال لأحكام الشريعة الإسلامية وتعزيز الشفافية في الصيرفة الإسلامية. هناك عدة تقنيات يمكن الاستفادة منها لتحقيق هذا الهدف، وأبرزها تقنية البلوكشين، التي توفر ميزة الشفافية المطلقة من خلال تسجيل جميع المعاملات المالية في سجل رقمي غير قابل للتغيير. هذه الميزة تقلل من فرص التلاعب أو التحايل في العمليات المصرفية، كما توفر إمكانية التتبع التاريخي للمعاملات، مما يسهل عمليات التدقيق الشرعي والتأكد من امتثالها للشريعة الإسلامية. إلى جانب ذلك، فإن العقود الذكية القائمة على البلوكشين يمكن أن تلعب دورًا محوريًا في ضمان تنفيذ المعاملات المالية وفق الشروط الشرعية المحددة مسبقًا، حيث يتم برمجتها لتنفيذ العمليات تلقائيًا بمجرد استيفاء الشروط، مما يلغي الحاجة إلى التدخل البشري ويقلل من مخاطر الأخطاء أو التلاعب.
تقنية أخرى مهمة هي التعلم الآلي (Machine Learning) والذكاء الاصطناعي، حيث يمكن استخدامها في المراجعة الشرعية للمعاملات المالية، من خلال فحص عمليات التمويل والتأكد من توافقها مع أحكام الشريعة الإسلامية بشكل أسرع وأكثر دقة. كما يمكن لهذه التقنية أن تساعد في الكشف عن المخالفات الشرعية، إذ يتم تدريب الأنظمة الذكية على التعرف على الأنماط غير المتوافقة مع المعاملات الإسلامية، مما يسهل اكتشاف أي شبهات شرعية قد تنشأ أثناء تنفيذ العمليات المصرفية.
من جانب آخر، توفر الحوسبة السحابية (Cloud Computing) إمكانية الوصول الفوري إلى البيانات المالية، مما يسهم في تعزيز الشفافية ويسهل عمليات التدقيق والمراجعة الشرعية، خاصة مع تزايد حجم المعاملات المالية الإسلامية. إضافة إلى ذلك، تساعد الحوسبة السحابية على تقليل التكاليف التشغيلية، حيث تتيح للبنوك الإسلامية إدارة بياناتها بكفاءة دون الحاجة إلى بنية تحتية مكلفة.
أما تحليل البيانات الضخمة (Big Data Analysis)، فيمكن البنوك الإسلامية من دراسة أنماط المعاملات المالية والكشف عن أي مخالفات محتملة، مما يعزز من قدرتها على التكيف مع متطلبات الشريعة الإسلامية وتقديم خدمات أكثر تخصيصًا وفق احتياجات العملاء. فمن خلال هذه التقنية، يمكن التمييز بين العملاء الجادين في طلب التمويل الإسلامي وبين من يملؤون الاستمارات بشكل عشوائي، مما يعزز من كفاءة البنوك في تقديم خدمات تمويلية متوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية.
وفيما يخص التطبيقات المصرفية الإسلامية، فإن تطوير تطبيقات متخصصة في التمويل الإسلامي يمكن أن يسهل وصول العملاء إلى الخدمات المصرفية المتوافقة مع الشريعة، مثل التمويل الجماعي الإسلامي (Islamic Crowdfunding)، وحسابات التوفير الإسلامية، وخدمات تحويل الأموال وفق الأحكام الشرعية. كما يمكن لهذه التطبيقات أن تلعب دورًا في توعية العملاء وتعريفهم بكيفية استخدام المنتجات المالية الإسلامية بشكل صحيح، وذلك من خلال نشر مقاطع توعوية قصيرة عبر منصات التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وتويتر وإنستغرام.
من جهة أخرى، تسهم أنظمة إدارة المخاطر (Risk Management Systems) في ضمان تنفيذ المعاملات المصرفية وفق أحكام الشريعة، حيث تساعد في رصد أي مخالفات محتملة واتخاذ التدابير المناسبة لمعالجتها قبل أن تتفاقم. كما أن التحليلات التنبؤية يمكن أن تستخدم للتنبؤ بالمخاطر المستقبلية، مما يسمح للبنوك الإسلامية باتخاذ إجراءات وقائية في الوقت المناسب.
وأخيرًا، فإن التعاون مع الهيئات الشرعية المختصة مثل المجلس الإسلامي الأعلى وهيئات الفتوى يمكن أن يعزز من مصداقية الخدمات المصرفية الإسلامية، حيث يمكن إدماج استشارات شرعية مباشرة ضمن التطبيقات المصرفية، مما يسمح للعملاء بالحصول على إجابات فورية حول الأحكام الشرعية المرتبطة بالمعاملات المالية.
إجمالًا، فإن توظيف هذه التقنيات الحديثة يمكن أن يسهم في تعزيز قدرة البنوك الإسلامية على الامتثال لأحكام الشريعة الإسلامية وتحقيق مستويات أعلى من الشفافية والثقة. ومع ذلك، فإن نجاح هذه المبادرات يتطلب استثمارات كبيرة في البنية التحتية التكنولوجية، وتدريب الموظفين، وتطوير تشريعات مصرفية تواكب هذه التطورات، لضمان تحول رقمي يتماشى مع مبادئ الصيرفة الإسلامية.
الأيام نيوز: ما الخطوات العملية التي يجب على البنوك الإسلامية اتخاذها لتحقيق تحول رقمي ناجح دون الإخلال بالمبادئ الشرعية؟
عبد الرحمان نعجة العفيفي: لتحقيق تحول رقمي ناجح دون الإخلال بالمبادئ الشرعية، يجب على البنوك الإسلامية اتباع نهج متكامل ومدروس يأخذ في الاعتبار الجوانب التكنولوجية والشرعية معًا. أولى الخطوات الأساسية في هذا المسار هي تقييم الوضع الحالي للبنك من حيث بنيته التكنولوجية، وتحديد نقاط القوة والضعف، بالإضافة إلى تحليل البيئة الداخلية والخارجية من خلال نموذج SWOT لتحديد الفرص المتاحة والتحديات المحتملة. يشمل هذا التقييم مراجعة العمليات المصرفية القائمة وتحليلها لمعرفة المجالات التي يمكن تحسينها باستخدام الحلول الرقمية.
بعد التقييم، تأتي مرحلة تطوير استراتيجية رقمية شاملة، والتي يجب أن ترتكز على تحديد أهداف واضحة مثل تحسين تجربة العملاء وتعزيز الكفاءة التشغيلية، وتطوير منتجات جديدة متوافقة مع الشريعة الإسلامية. هذه الاستراتيجية ينبغي أن تتضمن خطة زمنية واقعية تحدد مراحل التنفيذ، الأدوات المستخدمة، والفرق المكلفة بالإشراف على التحول الرقمي.
أما على المستوى التقني، فإن الخطوة التالية تتمثل في الاستثمار في البنية التحتية التكنولوجية، سواء من خلال تحديث الأنظمة الحالية أو استبدالها بمنصات أكثر تطورًا تدعم الخدمات المصرفية الرقمية. من الضروري أيضًا ضمان أن جميع الأنظمة الجديدة متوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية، سواء في آليات التشغيل أوفي المنتجات المالية التي تقدمها البنوك الإسلامية.
إلى جانب ذلك، لا يمكن تجاهل أهمية تعزيز الأمان السيبراني، وهو أحد التحديات الكبرى التي تواجه البنوك الرقمية. حماية بيانات العملاء والمعاملات المصرفية تتطلب اعتماد أنظمة تشفير متقدمة، وتطوير بروتوكولات أمنية قوية لمنع عمليات القرصنة واختراق الحسابات. كما يجب تدريب الموظفين على أفضل الممارسات الأمنية لضمان التزامهم بمعايير الحماية الإلكترونية، مع توعيتهم بكيفية تحقيق التوازن بين التطور الرقمي والامتثال للمبادئ الشرعية.
ومن الخطوات العملية المهمة أيضًا توعية العملاء حول الخدمات الرقمية الإسلامية، فنجاح أي تحول رقمي يعتمد على مدى تفهم العملاء لاستخدام التكنولوجيا المصرفية الجديدة. يجب أن تقوم البنوك بحملات توعوية عبر وسائل التواصل الاجتماعي ومنصاتها الرقمية لتعريف العملاء بمزايا هذه الخدمات وكيفية استخدامها بأمان وكفاءة. كما ينبغي توفير دعم فني متكامل لمساعدة العملاء في حال واجهوا أي صعوبات أثناء التعامل مع التطبيقات المصرفية الرقمية.
وأخيرًا، لا بد من المراقبة المستمرة والتقييم الدوري لضمان نجاح عملية التحول الرقمي. يشمل ذلك قياس أداء الأنظمة الرقمية وتحديد المشكلات المحتملة، وإجراء تحديثات دورية للبرمجيات والتقنيات المستخدمة لضمان بقائها فعالة وآمنة. فالبنوك الإسلامية مطالبة ليس فقط بالتحول الرقمي، وإنما بالتأكد من أن هذا التحول يتم بطريقة تتماشى مع القيم الشرعية، وتحقق أعلى معايير الكفاءة والشفافية.
في المحصلة، تحقيق تحول رقمي ناجح في البنوك الإسلامية يتطلب استثمارات ذكية في تطوير البنية التحتية، وتحديث التشريعات، وتدريب الكوادر البشرية، وتعزيز ثقة العملاء، ليكون هذا التحول الرقمي أداة لتعزيز الشمول المالي الإسلامي وتحقيق الاستدامة المصرفية في الجزائر.