تتسع الفجوة بين المخزن والشعب المغربي مع كل خطوة تتخذها السلطة بعيدًا عن إرادة المواطنين، وكان التطبيع مع الكيان الصهيوني أحد أبرز مظاهر هذا التباعد. فرغم الرفض الشعبي الواسع لهذه الخطوة التي ينظر إليها المغاربة باعتبارها خيانة للقضية الفلسطينية وتناقضًا مع مبادئ الأمة، يواصل المخزن ترسيخ علاقاته مع الاحتلال، متجاهلًا الأصوات الرافضة لهذا المسار. وفي حين يروّج المخزن لهذا التطبيع باعتباره خيارًا استراتيجيًّا لدعم الاقتصاد والانفتاح السياسي، فإن الواقع يكشف عن نتائج عكسية، حيث تتصاعد موجات الغضب الشعبي، وتشتد الاحتجاجات المناهضة لهذه السياسة، مما يعمّق الهوة بين الحاكم والمحكوم ويهدد بتفاقم التوتر داخل المشهد السياسي المغربي.
أكد سياسيون وحقوقيون مغاربة أن إصرار النظام المخزني على المضي قدمًا في تطبيعه مع الكيان الصهيوني يعمّق الهوة بينه وبين الشعب المغربي الرافض لهذه الاتفاقيات “الخيانية” التي أبرمت ضد إرادته، والمصرّ على إسقاطها مهما طال الزمن.
وفي هذا الصدد، قال الناشط السياسي والحقوقي المغربي محمد قنديل إن “المغرب خسر أخلاقيًّا و سياسيًّا واقتصاديًّا وتجاريًّا، وخسر الكثير ولا يزال…” بسبب تطبيعه مع الكيان الصهيوني، محذرًا من أن “الصهاينة تغلغلوا في جميع مفاصل الدولة، بما فيها كل الوزارات بدون استثناء، وأصبحوا هم الآمر النافذ”، ولفت إلى أن الهوة بين النظام المخزني والشعب المغربي “تتعمّق وتتسع أكثر فأكثر” بسبب هذا التطبيع، مضيفًا: “لن نجني شيئًا، ولن نربح شيئًا، ولن نتقدم ولو بشبر إلى الأمام جراء هذا التقارب الصهيو-مخزني”.
وفي إطار الرفض المتواصل للتطبيع، ندد الأمين العام لـ”حزب النهج الديمقراطي العمالي”، جمال براجع، في تصريحات صحفية، بالاتفاقيات “الخيانية” التي تجمع المخزن بالكيان الصهيوني، معتبرًا إياها “وصمة عار على جبين هذا النظام وطعنة غادرة للقضية الفلسطينية”.
وقال براجع إنه رغم الرفض الشعبي الواسع لهذا التطبيع، الذي تم ضد إرادة الشعب المغربي، والنضال المتواصل من أجل إسقاطه: “ما زال المخزن متمادياً في سياسته التطبيعية، بل أخذ يوسعها لتشمل مختلف الميادين السياسية والعسكرية والاقتصادية والثقافية والتعليمية”، مما يشكل “خطرًا داهمًا” على مصالح ومستقبل الشعب المغربي، وأمن وسيادة المغرب، وأمن واستقرار المنطقة ككل.
وأكد المتحدث ذاته عزم مناهضي التطبيع على تصعيد النضال بكل الوسائل الممكنة لإسقاطه. وتشير التقارير إلى أن المخزن، الذي حاول الترويج لتطبيعه مع الكيان الصهيوني على أنه “مدخل لتعزيز الاقتصاد وجذب الاستثمارات”، لم يحصد في الواقع سوى ضغوط متزايدة على سيادته، وسخطًا شعبيًّا واسعًا، وزيادة في تآكل شرعيته.
ومن جهته، استنكر “حزب العدالة والتنمية” استمرار النظام المخزني في علاقاته مع الصهاينة، وتواصل مسلسل الاختراق الصهيوني للمملكة، مؤكدًا رفضه “القاطع” للاتفاق المبرم بين النظام المغربي وشركة “نيو ميد إنيرجي” الصهيونية للتنقيب عن النفط والغاز في الصحراء الغربية المحتلة.
وكانت شوارع كبريات المدن المغربية قد شهدت، مساء يوم الثلاثاء، موجة احتجاجات عارمة دعمًا لفلسطين، وللمطالبة بإسقاط أي شكل من أشكال التطبيع بين نظام المخزن والكيان الصهيوني، وذلك بعد استئناف الاحتلال عدوانه الوحشي بحق الفلسطينيين في قطاع غزة.
وشاركت في الاحتجاجات حشود غفيرة في كل من طنجة، والرباط، وفاس، والدار البيضاء، وبركان، وأكادير، مرددة بصوت واحد: “الشعب يريد إسقاط التطبيع”، كما رفع المحتجون الأعلام الفلسطينية ولافتات منددة بالعدوان الصهيوني المتواصل على الشعب الفلسطيني، مؤكدين رفضهم القاطع لأي شكل من أشكال التطبيع مع الكيان المحتل.