انهيار السردية المخزنية.. كيف يقاوم الصحراويون ترسانة التضليل الاستعماري؟

بدلا من التوجه إلى تنمية البلاد والاستماع إلى مطالب رعاياه، ينخرط النظام المغربي – بشكل يومي – في تسخير كلّ ترسانته الإعلامية والدعائية من أجل تجسيد عقيدته الاستعمارية بالمنطقة، وبث طروحاته الكاذبة حول قضية الصحراء الغربية.

وقال وزير الإعلام الصحراوي، حمادة سلمى، إنّ المغرب يسخّر كافة الأحزاب لخدمة هذه العقيدة التوسعية وجعلها عنصرا ثابتا في المنهج التعليمي المغربي، مؤكّدا أنّ المغرب وظّف لهذا الغرض أكثر من 500 موقع للدفاع عن هذه الرؤية المبنية على مغالطات تاريخية، قانونية وسياسية، بتجنيد 18 صحيفة ورقية وأكثر من 10 قنوات تلفزيونية و25 قناة إذاعية مسخّرة لخدمة العقيدة التوسعية المغربية، وأضاف حمادة سلمى أنّ وزارة الاتصال المغربية بدأت منذ 2015 في تكوين مجموعات شبابية لدعم هذه الأطروحات والرد على المواقع الأجنبية المهتمة بالقضية الصحراوية.

وخلال التطرق إلى مسألة التعتيم الإعلامي والتجسّس، خلال الندوة الإعلامية الأولى للتضامن مع الشعب الصحراوي، أفاد الوزير المكلف بآسيا، إبراهيم بومخروطة، أنّ التعتيم المغربي له جانبان، الأول داخلي مبني على التعتيم على المظاهرات والوقفات المناهضة لسياسة النظام داخل المدن والقرى المغربية، والثاني خارجي من خلال مواجهة ما يخالف رؤيته أو يؤثر عليها، إلى جانب اعتماده على التجسس والذي كان من بين ضحاياه رئيس الحكومة الإسبانية، الذي غيّر موقفه تجاه القضية الصحراوية دون الرجوع إلى البرلمان الإسباني أو الحكومة والأحزاب التي انتخبته. وعليه، دعا الوزير الصحراوي إلى العمل على منع انتشار المعلومة الخاطئة وضرورة اليقظة الكافية لمحاربة هذه الأفكار.

حرب شرسة

من جهته، نبه عضو الأمانة الوطنية وزير التربية والتعليم والتكوين المهني الصحراوي، خطري أدوه، إلى أنّ المغرب اقترف جرمين، الأول التشويش على تصفية الاستعمار من الصحراء الغربية، والثاني التنكيل بالشعب الصحراوي وحرمانه من حقه في تقرير المصير والاستقلال، وذلك بدعم من الكيان الصهيوني وبعض القوى ذات الماضي الاستعماري في العالم الثالث.

وشدد المسؤول على أهمية أن تعمّم “ثقافة العدالة واحترام مقاييس العدالة والقانون الدولي وعدم الإفلات من العقاب”. وفي الإطار ذاته، نوه خطري أدوه بالمواقف التي تدعم الشرعية الدولية، مطالبا بتكثيف الجهود والمساعي لتعميق وتقوية المرافعة وتأصيل ثقافة المواجهة.

وفي مداخلته، أوضح رئيس وكالة الأنباء الكوبية، لويس انريكي قونثاليث أكوستا، قائلا “نحن مستهدفون منذ 65 سنة من قبل قوى الإمبريالية لأننا ندعم حركات التحرر في أمريكا اللاتينية والعالم”.

وأبرز رئيس وكالة الأنباء الكوبية، مخاطبا الحضور، أن “كوبا تربطها علاقات ممتازة منذ عقود مع الجمهورية الصحراوية وهناك اتفاق تعاون وشراكة مع وكالة الأنباء الصحراوية”، مؤكدا على التعاون من أجل كسر الحصار الإعلامي المضروب من حول القضية الصحراوية في وسائل الإعلام الدولية.

من جهته، عبر رئيس اللجنة العربية للتضامن مع الشعب الصحراوي، محمود الصالح، عن الدعم الكامل للقضية الصحراوية، قائلا “نقف ودون حياد مع الشعب الصحراوي وندعم مواقف جبهة البوليساريو ونؤمن إيمانا عميقا أنه، وبالكفاح فقط، نحقق تحرير الأرض واستكمال السيادة”.

إضافة إلى ذلك، قال مدير التلفزة الصحراوية، محمد سالم لعبيد، خلال طاولة النقاش، أن “الدولة الصحراوية، رغم تواضع إمكانياتها التقنية والبشرية، بذلت جهودا معتبرة لترقية العمل الإعلامي، في مواجهة أخطبوط يدير شبكة من الأجهزة الاستخباراتية موجهة وممولة لطمس وتزييف الحقيقة الصحراوية ومحاولة خلط الأوراق”.

وأضاف الإعلامي الصحراوي “نحن في حرب شرسة مع الاحتلال على واجهات الصراع المختلفة، في حاجة للمساعدة والعمل التضامني المشترك، وهذه مناسبة لتركيز النقاش حول خطة عمل مدروسة لصد الهجمة المعادية وإحباط المؤامرة التي تنسج خلف الكواليس”.

20 سنة من الظلم الشديد

وفي الجانب الآخر، من الواقع الذي يتجاهله نظام المحزن، عبر عبر الاتحاد الوطني للمتصرفين في المغرب عن خيبة أمله وأسفه جراء استمرار الحكومة المخزنية في تفقير هيئتهم، مؤكدا أن فئتهم تعرضت لـ”ظلم شديد” على المستوى الأجري والمهني لأكثر من 20 سنة.

ويمارس المتصرفون مجموعة من المهام داخل الإدارات العمومية تتلخص أساسا في التأطير والإدارة والخبرة والاستشارة والمراقبة في إدارات الدولة ومصالحها اللامركزية. واعتبر الاتحاد المغربي للمتصرفين أن الزيادة العامة في الأجور بقيمة 1000 درهم لا ولن تحقق المساواة والعدالة الأجرية للمتصرفات والمتصرفين بل ستزيد من تعميق الفوارق الأجرية ما دامت هي أقل مما تم إقراره لفئات أخرى.

وأوضح أن ما تسميه الحكومة بـ”إصلاح “منظومة التقاعد سيجهز على مكتسبات الموظفين ويضع المتقاعدين في وضعية هشة غير مسبوقة خاصة مع ارتفاع تكاليف الحياة عموما وفي مرحلة عمرية تقتضي المزيد من الرعاية والإمكانيات خصوصا.

كما عبر الاتحاد عن استيائه الشديد من بعض الممارسات الحكومية التي استعملت منهجية المقايضة فيما يخص تفعيل الدرجة الجديدة موضوع اتفاق 26 أبريل 2011 ،بحيث ربطت تفعيلها بقبول رفع سن التقاعد من 63 إلى 65 سنة، مشيرا إلى أن الحكومة فعلت هذه الدرجة دون قيد أو شرط وبسخاء لفائدة فئات أخرى، مما يعني استمرارها في منهجية تكريس الحيف والتمييز والقهر ضد هيئة المتصرفين.

وأكد الاتحاد الوطني للمتصرفين المغاربة أن طرح مشروع قانون الإضراب وبرمجته خلال الدورة الربيعية 2024 بالصيغة التي تم طرحه بها هو كبح للفعل الاحتجاجي كحق دستوري.

وكان الاتحاد قد أكد مؤخرا على أن الأضرار المترتبة عن تجميد مطالب هيئة المتصرفين لمدة 20 سنة من طرف الحكومات المتعاقبة بليغة وانعكست سلبا على الواقع المهني والاجتماعي والنفسي والمعيشي لهذه الفئة من الموظفين وعلى أسرهم”.

وشدد على أن “سياسة التمييز غير المبرر بين الفئات المماثلة لفئة المتصرفين، واللجوء الى طرق ملتوية وسرية لإخراج أنظمة أساسية خاصة تكرس التمييز، ما هو إلا تعبير عن افتقاد الحكومة لبوصلة تدبير الموارد البشرية العمومية واشتغالها دون أي تصور استراتيجي لإصلاح الوظيفة العمومية مع إصرارها على رفع شعار التفكيك وراية الظلم في الأجور والظلم المهني في حق هيئة المتصرفين، أكبر هيئة لها ارتباط وثيق بالإدارة وتدبيرها”.

وفي سياق آخر، أكدت العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان أنّ متابعة واعتقال الصحفيين والتنكيل بهم لا يزال مستمرا، مشيرة إلى ما تعاني منه مجموعة من الصحافيات والصحافيين من متابعات تستند فيها إلى مضامين القانون الجنائي السالبة للحرية، أو بمتابعات قضائية انتقامية ترتكز على تهم ملفقة في بعض الأحيان.

وأدانت كل مظاهر التشهير والإساءة التي يتعرض لها الصحفيون سواء من قبل منصات إعلامية تخدم أجندات مشبوهة، أو من خلال شخصيات مسخرة امتهنت وسائل البذاءة للمس بأعراض الصحافيين الشرفاء وبعائلاتهم وبحياتهم الخاصة.

حميد سعدون

حميد سعدون

اقرأ أيضا