رسالة النضال الفلسطيني تتاورثها الأجيال.. “أشبال وزهرات” فلسطين في يوم الثقافة الفلسطينية

يحفل فصل الربيع بمناسبات فلسطينية عديدة يحتفل فيها الفلسطينيون بـ “يوم الثقافة الفلسطينية” في الثالث عشر مارس الذي يُصادف يوم ميلاد شاعر فلسطين “محمود درويش” عام 1941، و”يوم الأرض” الفلسطيني في الثلاثين من شهر نفسه، و”يوم الطفل الفلسطيني” في الخامس من شهر أفريل.. وتنطلق الاحتفالات من فلسطين ثم تتوزّع على مناطق اللاجئين في بلدان اللجوء العربيّة. وتُقام الاحتفالات على مدى أيامٍ، وتكون مُوجّهة بالأساس إلى “الأشبال والزهرات” من أبناء فلسطين.

و”الأشبال والزهرات” (الذكور والإناث) هم الأجيال الفلسطينية الصاعدة التي أولاها رمز النضال الفلسطيني الرئيس الراحل “ياسر عرفات” عناية كبيرة، وكان يؤمن بأن تربيتهم وتنشئتهم على القيم الوطنية والاستعداد للدفاع عن حقوقهم هو جزء أساسي من مشروع التحرير، وكان يعتبرهم أمل المستقبل وامتدادًا للمسيرة النضالية، وكان يقول دائمًا: “إن هذا الجيل هو الذي سيحقق النصر، وسيرفع علم فلسطين فوق مآذن القدس وكنائس القدس وأسوار القدس.” وكان يحرص على زيارتهم والالتقاء بهم في المناسبات الوطنيّة ويلقي فيهم الخطبَ بلغة الأب والمرشد، داعيًا إياهم إلى حمل راية النضال والاستمرار في المسيرة.

وما رسّخه الرئيس الراحل “ياسر عرفات” من تقاليد في العناية بهذه الفئة الفلسطينية (الأشبال والزهرات) لا يزال مُستمرًّا ومتواصلا. وفي هذا الإطار، انطلقت يوم 28 مارس فعاليات الاحتفال بيوم الثقافة الفلسطينية ويوم الطفل الفلسطيني في مخيمات اللاجئين في لبنان، فقد قام المكتب الحركي للأدباء والشعراء (صيدا)، تحت رعاية حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) بمنطقة صيدا، بإطلاق ورش العمل للأشبال والزهرات، امتدادًا للورش التي أقيمت في فلسطين وأشرف عليها وأبدع رسوماتها الفنان التشكيلي الفلسطيني “سميح أبو زاكية”..

وزّع المكتب الحركي للأدباء والشعراء (صيدا) محاور نشاطاته للاحتفال بهاتين المناسبتين على محاور متنوّعة امتزج فيها الإبداع باللون مع الإبداع بالكلمة، وكانت الانطلاقة بمجموعة من الرسومات تتضمن أبياتا شعرية من أشعار الشاعر الفلسطيني الراحل “محمود درويش”، إضافة إلى مجموعة من الرسومات تناولَت موضوعاتها فلسطين والقدس..

انطلقت فعاليات الورشة الأولى في شعبة إقليم “الخروب” (منطقة وادي الزينة)، بحضور أمين سر لجنة شعبة إقليم “الخروب”، الأخ “عبد منصور”، وأعضاء اللجنة، وبإشراف أمينة سر المكتب الحركي للأدباء والشعراء في منطقة صيدا، الأخت “نهى عودة”، ومسؤولة الأشبال والفتوة في الشعبة، الأخت “لينا أيوب”. وقد شارك في هذه الورشة عدد كبير من الأشبال والزهرات.

وفي هذا السياق، أكدت الأخت “نهى عودة” على أن الأطفال هم الدعائم الأساسية للوطن، وأن الفن والثقافة يشكلان جزءًا أساسيًّا من النضال الوطني الفلسطيني، حيث يمكن من خلالهما تأكيد التواصل بين الأجيال الفلسطينية، وإيصال رسائل واضحة إلى العالم أجمع، بأن أبناء فلسطين باقون على العهد، عهد الشهداء والوطن، حتى التحرير والعودة، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.

وستستمر ورش العمل إلى ما بعد أيام العيد من أجل تحقيق المجايلة بين مختلف أبناء الشعب الفلسطيني في فلسطين وفي بلدان اللجوء، وترسيخ القيم الثقافية الفلسطينية في شخصية الناشئة وتربيتهم وتكوينهم ليكونوا مناضلين من أجل قضيتهم، ويرتبطون بهويّتهم وأصالتهم التي يعمل الاحتلال الصهيوني على طمسها وتهويدها..

يوميات.. نصوص نثرية للشاعر “محمود درويش

هذه نصوص نثرية نشرها الشاعر الفلسطيني “محمود درويش” في مجلة “الكرمل” التي كان رئيس تحريرها لسنوات عديدة، وصدرت من عام 1981 إلى 2009.

ذباب أخضر

المشهد هُوَ هُوَ. صَيفٌ وَعَرَقٌ. وخيالٌ يعجز عن رؤية ما وراء الأفق. واليوم أفضل من الغد. لكن القتلى هم الذين يتجدّدون. يُولدون كل يوم. وحين يحاولون النوم يأخذهم القتل من نعاسهم إلى نوم بلا أحلام. لا قيمة للعدد. ولا أحد منهم يطلب عوناً من أحد أصوات تبحث عن كلمات في البرية، فيعود الصدى واضحا جارحا: لا أحد، لكن ثمة من يقول: “من حق القاتل أن يدافع عن غريزة القتل”. أما القتلى فيقولون متأخرين: “من حق الضحية أن تدافع عن حقها في الصراخ”. يعلو الأذان صاعداً من وقت الصلاة إلى جنازات متشابهة: توابيتُ مرفوعة على عَجَلٍ، تُدفَنُ على عجل.. إذ لا وقت لإكمال الطقوس، فإن قتلى آخرين قادمون، مسرعين، من غارات أخرى. قادمون فرادى أو جماعات.. أو عائلة واحدة لا تترك وراءها أيتاماً وثكالى. السماء رمادية رصاصية. والبحر رمادي أزرق. أما لون الدم فقد حَجَبتُهُ عن الكاميرا أسراب من ذباب أخضر!.

أبعد من التّماهي

أجلس أمام التلفزيون، إذ ليس في وسعي أن أفعل شيئاً آخر. هناك، أمام التلفزيون، أعثر على عواطفي. وأرى ما يحدث بي ولي. الدخان يتصاعد مني، وأمدُّ يدي المقطوعة لأمسك بأعضائي المبعثرة من جُسوم عديدة، فلا أجدها ولا أهرب منها من فرط جاذبية الألم. أنا المحاصر من البر والجو والبحر واللغة. أقلعتُ آخر طائرة من مطار بيروت، ووَضَعَتني أمام التلفزيون، لأرى بقية موتي مع ملايين المشاهدين. لا شيء يثبت أني موجود حين أفكر مع ديكارت، بل حين ينهض مني القربان، الآن، في لبنان. أدخل في التلفزيون، أنا والوحش. أعلم أن الوحش أقوى مني في صراع الطائرة مع الطائر. ولكني أدمنتُ، ربما أكثر مما ينبغي، بطولة المجاز: التهمني الوحش ولم يهضمني. وخرجتُ سالماً أكثر من مرة. كانت روحي التي طارت شعاعاً مني ومن بطن الوحش تسكن جسداً آخر أخف وأقوى. لكني لا أعرف أين أنا الآن: أمام التلفزيون، أم في التلفزيون. أما القلب فإني أراه يتدحرج، ككوز صنوبر، من جبل لبناني إلى غزة!.

نیرون

ماذا يدور في بال نيرون، وهو يتفرج على حريق لبنان؟ عيناه زائغتان من النشوة، ويمشي كالراقص في حفلة عرس: هذا الجنون، جنوني، سيد الحكمة، فلتشعلوا النار في كل شيء خارج طاعتي… وعلى الأطفال أن يتأدّبوا ويتهذّبوا ويكفّوا عن الصراخ بحضرة أنغامي!

وماذا يدور في بال نيرون، وهو يتفرج على حريق العراق؟ يسعده أن يوقظ في تاريخ الغابات ذاكرة تحفظ اسمه عدوًّا لحمورابي وجلجامش وأبي نواس: شريعتي هي أُمّ الشرائع. وعشبة الخلود تنمو في مزرعتي. والشعر، ما معنى هذه الكلمة؟

وماذا يدور في بال نيرون، وهو يتفرج على حريق فلسطين؟ يبهجه أن يدرج اسمه في قائمة الأنبياء نبيًّا لم يؤمن به أحد من قبل، نبيًّا للقتل كلفه الله بتصحيح الأخطاء التي لا حصر لها في الكتب السماوية: “أنا أيضًا كليم الله”!

وماذا يدور في بال نيرون وهو يتفرج على حريق العالم؟ “أنا صاحب القيامة”. ثم يطلب من الكاميرا وقف التصوير، لأنه لا يريد لأحد أن يرى النار المشتعلة في أصابعه في نهاية هذا الفيلم الأميركي الطويل!.

حمام

رفٌّ من الحمام ينقشع فجأة من خُلَل الدخان، يلمع كبارقة سلم سماوية. يحلّق بين الرمادي وفتات الأزرق على مدينة من ركام. ويذكّرنا بأن الجّمال ما زال موجودًا، وبأنّ اللاموجود لا يعبث بنا تمامًا إِذ يَعِدُنا، أو نظن أنه يَعِدُنا بتجلي اختلافه عن العدم. في الحرب لا يشعر أحد منا بأنه مات إذا أحس بالألم. الموت يسبق الألم، الألم هو النعمة الوحيدة في الحرب. ينتقل من حي إلى حي مع وقف التنفيذ. وإذا حالف الحظ أحدًا نسي مشاريعه البعيدة وانتظر اللاموجود وقد وُجد مُحلِّقًا في رفّ حمام. أرى في سماء لبنان كثيرًا من الحمام العابث بدخان يتصاعد من جهة العدم!

نهى عودة - شاعرة فلسطينية

نهى عودة - شاعرة فلسطينية

اقرأ أيضا

آخر الأخبار
إنفراج الأزمة بين الجزائر وباريس.. مكالمة هاتفية هامة بين الرئيس تبون ونظيره الفرنسي الرئاسة الفلسطينية تحذر من التهجير القسري في رفح وتدين التصعيد الإسرائيلي الوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار تسجّل قفزة نوعية في المشاريع المسجلة منذ 2022 وزارة التجارة تشرف على متابعة نظام مداومة التجار خلال أول أيام عيد الفطر  بعد فضيحة اختلاس أموال.. القضاء الفرنسي يمنع مارين لوبان من الترشح للرئاسة عميد جامع الجزائر يبرز فضائل رمضان ويدعو لصون نعمة الأمن والاستقرار  رئيس الجمهورية يهنئ الجيش والأسلاك الأمنية والصحية بمناسبة عيد الفطر وفاة 3 أشخاص اختناقًا بغاز أحادي أكسيد الكربون في أم البواقي إعادة فتح الطرقات بين جيجل وبجاية وسطيف بعد التقلبات الجوية رئيس الجمهورية يؤدي صلاة العيد بجامع الجزائر إليك حالة الطقس في أول أيام عيد الفطر السعيد شنقريحة يشيد بجهود أفراد الجيش ويهنئهم بحلول عيد الفطر الرئيس تبون يهنئ الجزائريين بعيد الفطر ويدعو بالنصر لفلسطين القوات البحرية تنقذ بحارا تركيا تعرض لإصابة خطيرة قرب ميناء بجاية ترامب يهدد إيران بقصف غير مسبوق لهذا السبب إعفاء متبادل من التأشيرة بين الجزائر ودولة إفريقية رئيس الجزائر يتلقى تهاني أردوغان بعيد الفطر حصيلة مروعة.. 11 قتيلا في حوادث مرور خلال يوم واحد صلاة عيد الفطر 2025 في الجزائر..جميع التفاصيل والمواقيت الرسمية إطلاق أشغال إنجاز أكبر محطة لإنتاج الكهرباء بالطاقة الشمسية بغارا جبيلات