كشفت محكمة وهران، عن تفاصيل جريمتي اختطاف واغتيال مروعتين تورطت فيهما جماعة إرهابية، استهدفتا قاصرًا وشابًا بغرض طلب فدية لتمويل أنشطة إرهابية، حيث أفضت التحقيقات الأمنية إلى توقيف خمسة متهمين، بينهم عناصر ينتمون إلى شبكة دعم وإسناد للجماعات الإرهابية الناشطة خارج الوطن.
وكشف وكيل الجمهورية، لدى محكمة وهران، زغينة وليد، خلال ندوة صحفية، عن تفاصيل القضية الأولى التي تعود وقائعها إلى شهر فيفري الماضي، حيث تعرض قاصر للاختطاف والاغتيال ببلدية الكرمة بوهران، وهي الحادثة التي قادت التحقيقات إلى اكتشاف جريمة اغتيال أخرى وقعت في شهر أوت من العام الماضي، وكلا الجريمتين كانتا بدافع طلب فدية لتمويل جماعة إرهابية.
ووُجّهت للمتهمين عدة تهم، من بينها “الانخراط وتمويل جماعة إرهابية تنشط داخل وخارج الوطن”، و”اختطاف طفل ضمن جماعة إجرامية منظمة، مع التعذيب وطلب الفدية، مما أدى إلى وفاته”، إضافة إلى “اختطاف شخص واحتجازه تحت التهديد والتعذيب بغرض الفدية”، و”الاغتيال مع ارتكاب أعمال وحشية وتشويه الجثة”.
خيوط الجريمة ودوافعها
وبالعودة إلى وقائع القضية الأولى، فقد تلقت نيابة الجمهورية يوم 26 فيفري الماضي بلاغًا عن اختفاء القاصر (ب.ع.د) في ظروف غامضة، ليتم على الفور توجيه تعليمات للضبطية القضائية المختصة، ممثلة في فرقة الجرائم الكبرى التابعة لأمن ولاية وهران، بفتح تحقيق في القضية.
وأسفرت التحريات، التي شملت تقنيات المراقبة الحديثة وشهادات بعض المواطنين، عن كشف تنقل الضحية إلى بلدية الكرمة رفقة شخص آخر (ب.ع.ب)، وهو ما تأكد من خلال تسجيلات كاميرات المراقبة. وقد قادت التحقيقات إلى الاشتباه في مسكن كان يتردد عليه القاصر المرافق للضحية، ليتم تفتيشه يوم 13 مارس، حيث عُثر داخله على شخص يدعى (ع.ض.د) المكنى “أبو عبد الله الجزائري”، وهو مطلوب للعدالة بتهم الانتماء إلى جماعة إرهابية تنشط خارج البلاد.
وكشفت التحقيقات أن هذا الشخص، بمساعدة (ب.ع.ب) ووالدته (م.ف)، اختطف واغتال القاصر (ب.ع.د)، حيث قام بتقطيع جثته والتخلص منها في مواقع متفرقة. وبعد عمليات بحث مكثفة، تمكنت الشرطة من العثور على بقايا هيكل عظمي للضحية داخل مفرغة عشوائية ببلدية الكرمة.
اختطاف بهدف طلب فدية
وأظهرت التحقيقات أن الجاني كان ينتمي سابقًا إلى تنظيم إرهابي في سوريا، وبعد عودته إلى الجزائر وقضائه عقوبة بالسجن، أعاد نشاطه الإرهابي، وكان يهدف من خلال عمليات الاختطاف إلى طلب فدية وإرسالها للتنظيم الإرهابي. إلا أن الأمور لم تسر وفق مخططه، ما دفعه إلى قتل الضحية وتعذيبه قبل التخلص من جثته.
إضافة إلى ذلك، كشفت التحقيقات عن تورط الجاني في جريمة أخرى تتعلق باختفاء شخص آخر يوم 18 أوت الماضي، وهو شاب يبلغ من العمر 23 سنة ويقيم بحي إيسطو بوهران.
وبعد العثور على صور المختفي داخل هاتف الإرهابي الموقوف، ظهر أنه تعرض للاغتيال بنفس الطريقة، حيث تم التنكيل بجثته ودفنها بمنطقة الأمير عبد القادر (بلدية سيدي الشحمي). وبتنقل المصالح الأمنية إلى الموقع الذي حدده الجاني، تم العثور على بقايا عظام بشرية تعود للضحية.
عناصر دعم وإسناد للإرهاب
وفيما يتعلق بالقضية الأولى الخاصة بالقاصر، فقد تم توقيف أربعة أشخاص آخرين متورطين في الجريمة، وهم زوجة الجاني (م.ف) وابنتاها وابنها القاصر.
وأسفر التحقيق عن كشف شبكة دعم وإسناد للجماعات الإرهابية في الخارج، يقودها المشتبه به الرئيسي (ع.ض.د)، حيث تبين أن هذه الشبكة كانت تعمل على جمع الأموال وتحويلها لدعم الجماعات الإرهابية، وكان الهدف من اختطاف الضحيتين هو طلب فدية لهذا الغرض.
وبعد استكمال التحقيقات الأولية من قبل الشرطة القضائية في وهران، تم تقديم المتهمين أمام نيابة الجمهورية، التي أحالت الملف إلى قاضي التحقيق، ليصدر في حقهم أمر بالإيداع رهن الحبس المؤقت بعد استجوابهم.
وفي ما يخص الشبكة المتورطة في تمويل وإسناد الإرهاب، فقد تم لحد الآن توقيف أربعة أشخاص إضافيين في كل من تلمسان، البليدة، وتبسة، والتحقيقات لا تزال مفتوحة، على أن يتم التعامل مع الملف فور استكمال الإجراءات الأمنية والقضائية.
