يوم المرأة العالميّ.. احتفال بالحقوق أم ترسيخ للصّور النّمطيّة؟

لقد كنت ممن خطّوا أقلامهم احتفاءً بيوم المرأة، وأفضت في وصف مكانتها ودورها، ولكن.. مع مرور الأيّام وتراكم التّجارب، تبدّلت قناعاتي وتغيّرت نظرتي إلى هذا اليوم، فبعد أن كنت أراه رمزا للتّقدير والتّكريم، بتُّ أراه اليوم مناسبة لتسليط الضّوء على التّحدّيات التي تواجهها المرأة في مجتمعاتنا، ولم يعد الأمر بالنّسبة لي مجرّد احتفال شكليّ، بل هو دعوة للتأمّل في واقع المرأة المعاصر، ومساءلة للظّروف التي تحيط بها، فالمرأة لا تحتاج إلى يوم واحد لتثبت جدارتها، بل هي تثبتها كلّ يوم من خلال إنجازاتها وتضحياتها.

في هذا اليوم، تطلّ علينا عبارات التّهنئة والتّبريكات، وتصدح حناجر المجتمع بكلمات الإشادة والتّقدير لدور المرأة في الحياة، ولكن.. في خضمّ هذا الاحتفاء الظّاهريّ، يتبدّى لنا سؤال جوهريّ: هل يعكس هذا الاحتفال حقّا نظرة مجتمعيّة عميقة ومتجذّرة للمرأة، أم أنّه مجرّد طقس سنويّ يتكرّر دون وعي حقيقيّ بمضامينه؟

تتردّد عبارة “كوني أنتِ” في هذا اليوم، وكأنّها تعويذة سحريّة تمنح المرأة استقلاليّتها وحرّيتها، لكن.. هل يدرك المجتمع حقّا ما تعنيه هذه العبارة؟ هل هي كلمات جوفاء، أم أنّها دعوة حقيقيّة للمرأة لتتحرّر من القيود المجتمعيّة، وتعبّر عن ذاتها؟

في كثير من الأحيان، تتحوّل هذه العبارة إلى شعار سطحيّ، يردّده البعض دون فهم عميق لأبعاده. فالمجتمع الذي يهنّئ المرأة في يومها، قد يكون هو نفسه الذي يقيّد حريّتها ويحجّم دورها بقيّة أيّام السنة.

إنّ الاحتفاء بالفرق بين الجنسين قد يؤدّي إلى ترسيخ الصّورة النّمطيّة للمرأة، وتحديد دورها في المجتمع، فالمساواة لا تعني تجاهل الاختلافات البيولوجيّة بين الرّجال والنّساء، بل تعني منح كلّ فرد، بغضّ النّظر عن جنسه، الفرصة الكاملة لتحقيق ذاته والمساهمة في بناء المجتمع.

المساواة بين الجنسين تتطلّب رفضا قاطعا للجندر والتّمييز، فالمجتمع الذي يؤمن بالمساواة لا يحدّد أدوار الأفراد بناء على جنسهم، بل بناء على قدراتهم ومواهبهم.

لنجعل من يوم المرأة العالميّ منطلقا لتأصيل قيم المساواة، ومناسبة لترسيخ دعائم مجتمع قوامه العدل، يجلّ الإنسانيّة في جوهرها، لا في قالب الجنس، فما المرأة والرّجل إلا شطران يكمل أحدهما الآخر، ويشتركان في بناء صرح الحياة، ولكلّ منهما بصمته الفريدة، ومساهمته القيّمة في تشييد لَبِنات الأسرة والمجتمع.

صباح بشير - أديبة فلسطينية

صباح بشير - أديبة فلسطينية

اقرأ أيضا

آخر الأخبار
وزير النقل: "الموانئ جاهزة لاستقبال رؤوس الماشية المُستوردة" وزارة التجارة تكثّف الرقابة.. حجز 120 قنطارًا من الموز في 7 ولايات الجزائر تُعبّر عن قلقها إزاء معاناة الفلسطينيين وتشيد بجهود الاتحاد الأوروبي لحلّ القضية تفعيل دور الجالية الجزائرية في الترويج للتراث الثقافي المحكمة الدستورية تتلقى ثلاثة طعون بشأن نتائج انتخابات التجديد النصفي لمجلس الأمة تحلية مياه البحر.. رهان الجزائر لتحقيق سيادة مائية واستقلالية تكنولوجية وصناعية دبلوماسية الشراكات الاستراتيجية.. كيف تفرض الجزائر نفوذها الإقليمي عبر الاقتصاد؟ وزيرة السياحة تُؤكّد التزامها بدعم الحرفيين وترقية الصناعات التقليدية منع استيراد الرخام.. دعم للمنتوج المحلي وتشجيع للاستثمار سونلغاز تبحث تطوير ورقمنة الخدمات التأمينية مع الشركة الجزائرية للتأمين إبرام اتفاقية تعاون بين جامعتي وهران 2 وغرناطة الإسبانية في هذا المجال إنجاز جديد.. الرئيس تبون يدّشن محطةً أخرى لتحلية مياه البحر بالجزائر تنصيب مدير عام جديد للصندوق الوطني للاستثمار التصعيد الصهيوني يتجاوز التهدئة.. هل تقترب المواجهة الحتمية؟ غزة تموت عطشًا.. اليونيسيف تدعو العالم إلى التحرك حصيلة مروعة.. 40 قتيلا في حوادث المرور خلال أسبوع بوطبيق يوجّه رسالة قوية لليمين المتطرف.. ماذا جنيت بمحاولتك زعزعة العلاقات الجزائرية-الفرنسية؟ مفاوضات الرياض.. هل تقترب واشنطن من تسوية تُرضي موسكو وكييف؟ هكذا يتم تقديم الطعون الخاصة بانتخابات تجديد نصف أعضاء مجلس الأمة وزير الصناعة الصيدلانية يعاين تقدم الإنتاج الدوائي في قسنطينة