برؤية شاملة.. الجزائر تخوض معركة الانتقال إلى العصر الرقمي

في عالم متغيّر وشديد التعقيد تحرّكه قوة الرقمة، تسعى الجزائر إلى اللحاق بركب الدول التي قطعت أشواطا كبيرة في هذا المجال، ولهذا أصبح ملف “عملية الرقمنة” مرتبطا بمصطلح “التسريع” الذي يشير إلى ضرورة التقشف في الوقت والعمل باستمرار لتدارك التأخير والقفز إلى الأمام على أمل بلوغ الأهداف المسطرة.

وكان موضوع الرقمنة من بين أهم الانشغالات التي تناولها اجتماع الحكومة أمس الأربعاء برئاسة الوزير الأول، نذير العرباوي، فقد تم تدارس سبل تنسيق الجهود بين مختلف القطاعات من أجل تسريع عملية الرقمنة لاسيما في الجوانب الخاصة بضمان التشغيل المتبادل بين مختلف الأنظمة المعلوماتية، وذلك بالتنسيق مع المحافظة السامية للرقمنة في إطار فريق العمل متعدد القطاعات المكلّف بإدراج الخدمات العمومية في البوابة الوطنية للخدمات الرقمية، حسب ما أفاد به بيان للحكومة.

وحين الحديث عن الرقمة، فإنه ليس بالضرورة اعتبارها عملية تخص قطاعا بعينه، وربما، لهذا السبب تم إلغاء وزارة الرقمنة وتحويلها إلى هيئة عليا ملحقة برئاسة الجمهورية، لإعطاء الانطباع بأنّ الجزائر تنفّذ مشروعا شاملا يترجمه ذلك المصطلح الدقيق المعروف بـ”الرقمنة الحكومية” التي تمكّن – في اللحظة ذاتها – من رصد نوعية الخدمات وسرعة الأداء وتقييم مستوى تطبيق الأوامر والتوجيهات الصادرة للمسؤولين المحليين.

وفي سياق مقارب لهذا الطرح، أسدى وزير الصناعة والإنتاج الصيدلاني، علي عون، تعليمات إلى مختلف المديريات والمجمعات الصناعية العمومية، لتفعيل برنامج الرقمنة، وذلك نظرا إلى أهميتها في تسهيل العمل وتكريس الشفافية، وقد جاء ذلك لدى ترؤس عون اجتماعا تقنيا، خصّص لعرض أهم المحاور الإستراتيجية لرقمنة القطاع والنشاطات التي تم تنفيذها وتلك المبرمجة بالوزارة.

التحوّل الرقمي في القطاع العدلي

وفي قطاع آخر، أعلنت وزارة العدل، أمس الأربعاء، عن الإطلاق الرسمي لمنصة رقمية جديدة تتيح إيداع الطلبات والحصول على رخص الاتصال بالمحبوسين إلكترونياً،  وذلك في إطار توسيع الخدمات الإلكترونية في قطاع العدالة بهدف تحسين ورفع جودة الخدمة العمومية.

وفي بيان لمصالح طبي، أفيد أنّ الخطوة أتت في إطار توسيع الخدمات الإلكترونية في قطاع العدالة بهدف تحسين ورفع جودة الخدمة العمومية، ومن أجل الحصول على هذه الخدمة، إذ يقوم طالب رخصة الاتصال (الأشخاص المسموح لهم قانوناً الاتصال بالمحبوس) بالولوج إلى هذه المنصة الرقمية عبر الموقع الإلكتروني الرسمي لوزارة العدل من خلال الرابط: https://ziyarati.mjustice.dz.

وبحسب بيان الوزارة فإنه، يتعين على كل مهتمّ إنشاء حساب إلكتروني خاص به، وذلك بملء بيانات حول الهوية والصفة ورقم الهاتف النقال، ليحظى برسالة نصية قصيرة عبر هاتفه النقال،  تحمل رمزاً سرياً لتأكيد عملية التسجيل، ويحصل المعني بعد ذلك على حساب يتم الولوج عبره إلى المنصة للقيام بإدراج البيانات الخاصة بالزوار وتحديد صلة قرابتهم بالمحبوس.

وتحميل نسخ عن الوثائق التي تثبت صفة المعني أو قرابته للشخص النزيل (على غرار نسخة من بطاقة المحاماة ورسالة التأسيس بالنسبة للمحامين، بطاقة التعريف الوطنية وصفحة من الدفتر العائلي التي تثبت صلة القرابة بالنسبة لذوي المحبوس)، ويقوم المعني بتسجيل البيانات الخاصة بالمحبوس والمؤسسة العقابية المتواجد بها وتحديد الجهة المختصة بمعالجة الطلب.

وتتيح هذه المنصة تتبّع مآل الطلب، كما يتم إعلام المعني عن طريق رسالة نصية قصيرة، في حالة قبول الطلب، ترسل نسخة إلكترونية من الرخصة إلى الطالب عبر المنصة ونسخة إلى المؤسسة العقابية المعنية”، ونبّهت وزارة العدل إلى أنّ كل “غش أو تزوير في الوثائق أو تصريح كاذب يعرّض صاحبه للمساءلة الجزائية وفقا للتشريع الساري”.

إنشاء مركز وطني لقاعدة البيانات

من جانبه أكد المستشار في مجال تكنولوجيات الإعلام والاتصال، يونس قرار، أمس الأربعاء، على أهمية مشروع إنشاء مركز وطني لقاعدة البيانات بمعايير دولية، قصد إنجاح إستراتيجية الرقمنة التي تنتهجها الجزائر، داعيا إلى الاستعانة بكفاءات جزائرية لتسيير هذا المشروع.

وأوضح  قرار لدى نزوله ضيفا على برنامج “ضيف الصباح” بالقناة الإذاعية الأولى، عن وجود توجه جدي نحو الرقمنة في العديد من القطاعات وأنه يمكن تسريع وتيرة تجسيد هذا المشروع على أرض الواقع، خاصة وان الجزائر مطالبة بمسايرة التطورات التكنولوجية الحاصلة في العالم.

ودعا المستشار التكنولوجي إلى إدراج مشروع مركز إيواء البيانات قصد السماح بتبادل المعلومات والبيانات الشخصية وتحسين مناخ الإدارة الإلكترونية، مضيفا أن “هذا المسعى يتحقق بمحيط لحماية هذه البيانات يتمثل في طاقة كهربائية فعالة وشبكة انترنت قوية”.

وتطرق ضيف الصباح إلى اقتراح حلول وطنية رقمية ناجعة لاحتواء تسيير أحكم الأمن المعلوماتي والسيبيراني، مع اختيار كفاءات مؤسساتية جزائرية تمتلك تجارب عالمية حتى تستطيع القيام بقراءة مسبقة وفهم تلك الحلول المقترحة.

وبالمقابل، استفادت ثلاث عشرة مؤسسة ناشئة جزائرية من البرنامج الدولي “هواوي سبارك” الذي يمكنها من استخدام سحابة شركة الاتصالات السلكية واللاسلكية الصينية هواوي (الجزائر بشكل مجاني).

وجرى حفل توزيع الجوائز على المؤسسات الناشئة المنظم في ختام هذا البرنامج، مساء يوم الثلاثاء بالجزائر العاصمة، بحضور وزير البريد والمواصلات السلكية واللاسلكية، كريم بيبي تريكي، ووزير اقتصاد المعرفة والمؤسسات الناشئة والمؤسسات المصغرة، ياسين المهدي وليد والأمين العام لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي، عبد الحكيم بن تليس. كما حضر اللقاء سفير الصين بالجزائر، لي جيان، ورئيس سلطة ضبط البريد والاتصالات الالكترونية، محمد الهادي حناشي.

وتجدر الإشارة إلى أن برنامج “هواوي سبارك” المكرس لترقية المؤسسات الناشئة وتطويرها قد أطلق في سبتمبر 2022 من قبل هواوي (الجزائر) والمسرع العمومي للمؤسسات الناشئة “ألجيريا فانتور”. ويمنح هذا البرنامج موارد سحابية مجانية، بالإضافة إلى تكوين ودعم متخصص لفائدة الشركات الناشئة المؤهلة، مع إتاحة فرصة الاستفادة من العروض التجارية للنظام البيئي لسحابة هواوي، كما يسمح للمؤسسات الناشئة بالتوجه نحو الأسواق الدولية مع مرافقتها في المعارض العالمية.

وكانت السهرة فرصة أيضا لتقديم الجوائز لأربع حاملي مشاريع مبتكرة بضمان تمويلها المباشر من قبل شركة هواوي، إلى جانب تكريم تسعة طلبة جزائريين سيشاركون في مسابقة هواوي لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات المزمع تنظيمها في ماي المقبل بمدينة شنجن (الصين).

حميد سعدون

حميد سعدون

اقرأ أيضا