أليس حُلفاء القاتل قتلة أيضا؟! أمريكا اللاتينية تنتصر لغزة وتفضح خيانة أنظمة التّطبيع

مع بداية العدوان الصهيوني الوحشي على قطاع غزة، والذي يتواصل إلى غاية تحرير هذا المقال، برزت أسئلة بشأن اتفاقيات العار الموقعة ـ تحت ذريعة السلام بين الكيان المحتل وعدد من الدول العربية، تتقدمهم سلطة نظام المغرب الممعن في تقديم المزيد من التنازلات المجانية.

لكن، مع مرور الأيام والأسابيع.. والصواريخ وقوافل الشهداء أمام أعين الجميع، استمرت تلك الدول ـ الغارقة في وحل التطبيع ـ تعبر بكلمات محتشمة عن تضامنها “مع المدنيين” دون تحديد إن كانوا من الفلسطينيين أو من أعداء الفلسطينيين، فيما تمارس بالفعل تأييدها لجيش الاحتلال الذي تنتظر منه أن يزيل حماس من طريقها حتى يسهل عليها الارتماء أكثر فأكثر في الحضن الصهيوني.

لكن، وبالتزامن مع هذا الوضع المخل بالشرف، أعلنت بوليفيا قطع علاقاتها الدبلوماسية مع سلطة الكيان الصهيوني، فيما استدعت كل من تشيلي وكولومبيا سفيريهما لدى الاحتلال الغاشم احتجاجا على هجومه المتواصل على غزة، الذي أدى إلى استشهاد آلاف الفلسطينيين، معظمهم من الأطفال والنساء.

وندّدت الدول الثلاث الواقعة بالهجمات الصهيونية على قطاع غزة، وأدانت مقتل المواطنين الفلسطينيين؛ وبهذا تتخذ هذه الدول الأمريكية اللاتينية مواقف عملية من الهجوم الصهيوني واسع النطاق على قطاع غزة، الذي جاء في أعقاب هجوم كبير شنته حماس على مناطق غلاف غزة في السابع من أكتوبر الماضي.

ففي لاباز، أعلنت وزارة الخارجية في بوليفيا، يوم الثلاثاء الماضي، أن الحكومة قررت قطع علاقاتها الدبلوماسية مع تل أبيب، متهمة الكيان “بارتكاب جرائم ضد الإنسانية في هجماتها على قطاع غزة”، وفقا لرويترز.

وقال نائب وزير الخارجية البوليفي، فريدي ماماني، في مؤتمر صحافي إن الحكومة “قررت قطع العلاقات الدبلوماسية مع سلطة الكيان، رفضا وإدانة للهجوم العدواني وغير المتكافئ الذي يُشن في قطاع غزة”، كما ذكرت “فرانس برس”.

وبوليفيا من أولى الدول التي قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع الكيان بسبب عدوانه على غزة، وهذه ليست المرة الأولى التي تتخذ فيها بوليفيا مثل هذه الخطوة، إذ سبق أن قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع الكيان عام 2009، في ظل حكومة الرئيس اليساري إيفو موراليس، احتجاجا أيضا على هجماتها على قطاع غزة.

وفي عام 2020 ، أعادت حكومة رئيسة البلاد جنين أنييس، التي تنتمي لليمين، العلاقات البلدين، وقال الرئيس البوليفي لويس آرسي عبر وسائل التواصل الاجتماعي، يوم الإثنين المنقضي: “نرفض جرائم الحرب التي تُرتكب في غزة. وندعم المبادرات الدولية الرامية لضمان (دخول) المساعدات الإنسانية، بما يتوافق مع القانون الدولي”.

أوقفوا إطلاق النّار.. أو غادروا غيرَ مأسوفٍ عليكم!

وفي سينتياغو، أعلن الرئيس التشيلي غابرييل بوريك سحب سفير بلاده من “إسرائيل” بسبب عدوانها على غزة، وقال بوريك “لا يهمُّ مقدار ما تملكه الدولة من قوة، نحن بحاجة لأن تقف سياستنا الخارجية مع حقوق الإنسان وأن تدافع عنها بكل ما أوتيت من قوة”.

وردا على هدية تلقّاها من الجالية اليهودية في تشيلي، قال الرئيس بوريك “أشكركم على الخطوة، ولكن يمكنكم أن تبدؤوا بمطالبة الكيان بإعادة الأراضي الفلسطينية التي احتلتها بشكل غير قانوني”.

وقالت وزارة الخارجية التشيلية، في بيان، “تدين تشيلي بشدة وتراقب بقلق بالغ هذه العمليات العسكرية”، وأضافت الوزارة أن تشيلي تعتبر العمليات الصهيونية بمثابة “عقاب جماعي” للسكان المدنيين في غزة، كما دعت إلى الوقف الفوري للأعمال القتالية وإطلاق سراح الرهائن لدى حماس والسماح بعبور المساعدات الإنسانية لسكان القطاع الذين يتجاوز عددهم مليوني نسمة.

وفي بوغوتا، أعلن الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو، في منشور على موقع “أكس” يوم الثلاثاء، استدعاء سفير بلاده لدى الكيان الصهيوني، بسبب عدوانه في غزة، واصفا الهجمات الصهيونية بأنها “مذبحة للشعب الفلسطيني”. وقال بيترو: “قررت استدعاء سفيرنا لدى “إسرائيل”. وإذا لم توقف المذبحة التي ترتكبها بحق الشعب الفلسطيني فلن نتمكن من البقاء هناك”، حسب رويترز.

وفي السابع عشر من أكتوبر، طلب وزير الخارجية الكولومبي، ألفارو ليفا، من السفير الصهيوني في بوغوتا “الاعتذار والمغادرة”، بعد رد الدبلوماسية الصهيونية على تصريحات للرئيس بيترو، تناول فيها العدوان الصهيوني على غزة، ووصف ليفا على حسابه على منصة “أكس” تصريحات السفير غالي داغان ردا على بيترو بأنها “وقاحة مجنونة”.

وكان الرئيس الكولومبي شبَّه الهجمات الصهيونية المتواصلة على قطاع غزة باضطهاد النازيين لليهود خلال الحرب العالمية الثانية، ولم ترد وزارة الخارجية الصهيونية على طلب للتعليق على قرارات الدول الثلاث.

كما دعت دول أخرى في أمريكا اللاتينية، مثل المكسيك والبرازيل، في الآونة الأخيرة إلى وقف إطلاق النار. وقال الرئيس البرازيلي، لويس إيناسيو لولا دا سيلفا: “ما يحدث الآن هو جنون من رئيس وزراء سلطة الكيان التي تريد محو قطاع غزة”.

في مقابل كل هذا، لا يزال صحافيون ـ من ذلك النوع الذي يبكي على غزة ويمجد نظام المخزن المتحالف مع قتلة الأطفال في غزة ـ يطرحون أسئلة مترنحة حول إمكانية أن يساعد العدوان الصهيوني على إبعاد الرباط عن شقيقتها “في الدم” (الدم المراق في فلسطين)، لكن هؤلاء الصحافيين لم يطرحوا هذا السؤال الخطير: “كم يجب على الكيان الصهيوني أن يقتل من الفلسطينيين حتى تخرج الرباط بموقف يزيل الحرج عن هؤلاء الصحافيين؟”.

جبان من يعلّق أمله بالعدوان!

لكن السؤال الأخطر، يأتي كالآتي: “هل من الإنسانية أن يربط هؤلاء الصحفيون ـ المنتظرون خيرا من نظام مغربي لا خير فيه ـ آمالهم في ابتعاد الرباط عن (تل أبيب) بالعدوان؟” بما يعني أن الأمل ـ من وجهة نظرهم ـ سيظل متواصلا بمقدار ما يبقى العدوان متواصلا!.. وهكذا فإن هؤلاء الصحافيين قد تباكوا على القتيل وندّدوا بالقاتل بينما صمتوا على حليفه!

حميد سعدون

حميد سعدون

اقرأ أيضا