التطبيق الذي هدّد بايدن بحظره.. ماذا تكشف بيانات استخدام تيك توك في الولايات المتحدة؟

توصّلت دراسة جديدة أجراها مركز “بيو للأبحاث” على سلوكيات المستخدمين الأمريكيين لموقع تيك توك “TikTok”، إلى نتيجة مفادها أنّ الأقلية المتعطّشة لنشر محتواها على المنصة، تتحكم في المحتوى الذي تستهلكه الأغلبية. وأفادت الدراسة بأنّ غالبية البالغين الأمريكيين الذين لديهم حسابات على موقع تيك تيك، نادرا ما ينشرون أيّ شيء، ويقضون وقتهم في استهلاك محتوى تصنعه الأقلية على المنصة، التي أثارت الكثير من النقاشات السياسية، وواجهت تهديدات بالحظر من قبل الحكومة الأمريكية.  

تأتي هذه النتائج في وقت يقول فيه ثلث البالغين في الولايات المتحدة، إنّهم يستخدمون الموقع، ويتلقون نسبة متزايدة من الأخبار من خلال محتواه، ومن بين النتائج الرئيسية الأخرى التي توصّلت إليها دراسة “Pew Research Center” أو مركز “بيو للأبحاث” – مركز أبحاث مستقل، مقره العاصمة واشنطن – حول كيفية استخدام الجمهور الأمريكي لموقع تيك تيك، أنّ غالبية مستخدمي تيك توك الأمريكيين لا يميلون إلى تقديم ملف تعريف تفصيلي عن أنفسهم.

25 من المستخدمين يصنعون 98 من المحتوى

قال مركز “بيو للأبحاث” إنّ نسبة صغيرة من المستخدمين الأمريكيين مسؤولة عن إنتاج غالبية المحتوى المعروض أمام مستخدمي موقع تيك توك، إذ ينتج 25℅ منهم ما نسبته 98℅ من جميع مقاطع الفيديو المتاحة للجمهور الأمريكي، وأوضح المركز أنّ هذه النتيجة تتماشى مع الأبحاث السابقة التي أجراها حول مستخدمي موقع “أكس” تويتر سابقا، والتي توصّلت إلى أنّ نسبة مماثلة من المستخدمين النشطين للغاية، يصنعون غالبية المحتوى المتاح على منصة “أكس”.

وأشارت الدراسة الموسومة بـ “How U.S. Adults Use TikTok” أو “كيف يستخدم البالغون الأمريكيون تيك توك”، إلى أنّ حوالي نصف البالغين الأمريكيين الناشطين على الموقع، لم ينشروا أبدا مقطع فيديو بأنفسهم، ولم يقوموا بإضافة أيّ معلومات إلى المساحة المخصّصة لـ “السيرة الذاتية” على حساباتهم.

ولا تختلف سلوكيات النشر لدى البالغين الأصغر سنا بشكل كبير عن الفئات العمرية الأخرى، حسب الدراسة، فالمستخدمون الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و34 عاما هم أكثر احتمالا من نظرائهم الأكبر سنا لاستخدام تيك توك في المقام الأول. لكن ما يقرب من نصف هؤلاء المستخدمين الأصغر سنا قاموا بالنشر على الموقع – وهو ما يشبه نسبة المستخدمين الذين تتراوح أعمارهم بين 35 و49 عاما.

وحسب دراسة مركز “بيو للأبحاث”، فإنّ المستخدمين الذين نشروا مقاطع فيديو على المنصة هم الأكثر نشاطًا عليها، بشكل عام، وعادة ما يتابعون عددا أكبر من المستخدمين، ولديهم المزيد من المتابعين، ومن المرجّح أن يكونوا قد ملأوا الخانة المخصّصة للسيرة الذاتية على حسابهم، وكذلك من المرجح إلى حدّ ما أن تظهر على حساباتهم خاصية “For you” أو “من أجلك”، والتي قال عنها حوالي 40℅ من المستخدمين، إنّها إما “مثيرة للاهتمام” أو “مثيرة للاهتمام للغاية” بالنسبة إليهم، وهو ما يزيد بكثير عن إجمالي 14℅ من الذين يقولون إنّها “ليست مثيرة للاهتمام”، أو “ليست مثيرة للاهتمام على الإطلاق”.

من يستخدم تيك تيوك في الولايات المتحدة؟

ينتشر استخدام موقع تيك توك بشكل خاص بين البالغين الأصغر سنا، حيث قال 56℅ من جميع البالغين في الولايات المتحدة الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و34 عاما، إنّهم يستخدمون المنصة. وفي حين أنّ حوالي نصف مستخدمي تيك توك البالغين لم ينشروا أيّ مقطع فيديو على الإطلاق، فإنّ نسبة أصغر – 40℅ – نشرت مقاطع فيديو مرئية للعامة، وكنتيجة لذلك، تنتج نسبة صغيرة نسبيا من المستخدمين، الغالبية العظمى من المحتوى المعروض على المنصة.

وعلى الرغم من أنّ 70℅ من المستخدمين قاموا بتغيير لقب حسابهم من الاسم الافتراضي الذي يوفّره الموقع، إلى اسم آخر، إلا أنّ هناك نسبة مماثلة لم تقم بإضافة أيّ معلومات إلى حقل “السيرة الذاتية” في حساباتهم، أما عن عدد المتابعين، فقد أظهرت الدراسة أنّ متوسّطها يُقدّر بـ 154 متابع لكل مستخدم.

وفي ما يتعلّق بنوعية المحتوى الذي يتابعه مستخدمو تيك توك الأمريكيين، فقد توصّلت دراسة نشرها مركز “بيو للأبحاث” شهر نوفمبر 2023، إلى أنّ نسبة متزايدة من البالغين في الولايات المتحدة يتلقون الأخبار بانتظام على منصة تيك توك.

وفي غضون ثلاث سنوات فقط، تضاعفت نسبة البالغين في الولايات المتحدة الذين يقولون إنّهم يتلقون الأخبار بانتظام على تيك توك، أكثر من أربعة أضعاف، من 3℅ في عام 2020 إلى 14℅ في عام 2023، وفق الدراسة.

وواجهت منصّة تيك توك – التي يتزايد الاعتماد عليها كمصدر للأخبار من قبل المستخدمين الأمريكيين – ضغوطا هائلة من طرف الولايات المتحدة، إذ سبق للكونغرس فتح تحقيق في نشاطات المنصّة المملوكة لشركة صينية، وأنذرت إدارة الرئيس الحالي جو بايدن الشركة بأن تتخلّى عن ملكيتها الصينية وإلا ستواجه حظرا تاما في البلاد، وسيكون الحظر، في حال تمّ تطبيقه، خطوة غير مسبوقة تتّخذها الحكومة الأمريكية في حقّ شركة إعلامية، واعتداء على حرية التعبير والنشر، كما سيؤدي إلى حرمان 150 مليون مستخدم أمريكي، من التطبيق الذي يُعدّ مصدرا يجمع بين الترفيه ونقل الأخبار بالنسبة إلى شريحة واسعة أغلبها شباب.

سميرة بلعكري - واشنطن

سميرة بلعكري - واشنطن

اقرأ أيضا