الكاتبة والرسّامة الأمريكية المصرية “أمل الروبي” لـ “الأيام نيوز”: “الإنسانيّة قضيّتي.. وأكتب عن النِّفاق المجتمعي وصراع الثقافات والحب”

“أمل الروبي” كاتبة وفنّانة تشكيليّة وشاعرة أمريكية من أصول مصرية، ترسم بالألوان والكلمات تجارب من اضطرّتهم الظروف والأسباب، وفي بعض الحالات الأحلام، إلى ترك أوطانهم، والهجرة إلى الولايات المتحدة الأمريكية. و”أمل” تخطّ بقلمها الموهوب روايات تحكي ما تضجّ به الحياة من وجوه وتجارب ومرايا..   

عشقها للرّسم بدأ في المراحل الأولى من طفولتها، ومحاولاتها في الكتابة بدأت وهي لا تتجاوز سن الـ 13، لكن نشر منجزاتها لم يحدث حتى عام 2018. ولأنَّ الموهبة غالبة والروح تحمل فيوضًا من المشاعر والأفكار، التي صقلتها تجارب الحياة في أربع بلدان تنقّلت بينها في مراحل مختلفة من حياتها، تمكَّنت “أمل” بعد أول إصدار لها من نشر عدة روايات وداوين شعرية، ولوحات فنيّة.

عن تواجدها في الولايات المتحدة الأمريكية، قالت إنّها وعلى عكس الطامحين والمضطرين والحالمين الذين قادتهم الظروف والدوافع إلى بلد “الحلم”، لم تسع هي يومًا إليه.

في لقاء مع جريدة “الأيام نيوز” تحدّثت “أمل الروبي” عن نفسها؟ عن القضايا التي تناولها في كتاباتها وأشعارها ولوحاتها؟ عن حياتها في الولايات المتحدة؟ وعبّرت عن وجهة نظرها في الغربة، ورأيها في “الحلم الأمريكي”؟

الأيام نيوز: كيف تحب “أمل الروبي” تقديم نفسها للقارئ الجزائري؟

ببساطة أنا “أمل الروبي” كاتبة ورسّامة وشاعرة مصرية مقيمة بولاية “نيويورك”، وهي مسقط رأسي، نشأت وترعرعت في السعودية ومن ثم انتقلت إلى القاهرة حيث درست وتخرَّجت من كلية الإعلام بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا بالسادس أكتوبر، وحصلت على شهادة ماجستير في الإعلام المرئي والمسموع من معهد البحوث والدراسات العربية، ثم بدأت الرسم منذ نعومة أظافري.. أمّا الكتابة فقد كانت في مجال الشّعر فقط أول الأمر، وكان ذلك في سن الثالثة عشر، ولكن لم أنشر أيّ إصدار حتى عام 2018، حيث نُشر أول ديوان شعري كتبته تحت عنوان “حب ممنوع”، وهو يجمع بين باقة من أهم قصائدي ولوحاتي في آنٍ واحد، وتوالت بعدها الإصدارات لتصبح حصيلة إصداراتي حتى الآن خمس رواياتٍ (ستة كتب) وديوانَي شعرٍ مُزوّدين بلوحات فنية.

الأيام نيوز: ما هي الرواية الأقرب إلى قلبك ولماذا؟

أمل الروبي: لدي ستة إصدارات، ولكنها في الواقع خمس روايات حتى الآن، وذلك لأنّ روايتي الأولى تقع في جزئين، وهي روايتي الأهم والأقرب إلى قلبي وأهديتها لروح والدي الحبيب، واسمها “ليلى والحب المستحيل” ويمكنك وصفها بالعمل الشامل المتكامل، فهي تضمّ بين صفحاتها لثلاثة فنون: فن الرواية وفن الشعر، فن الرسم، بدون أيّ إقحامٍ على النّص وإنما كجزءٍ أصيلٍ من السّياق الدرامي والأحداث ذاتها. وتُعتبر “ليلى والحب المستحيل” أشهر وأهمّ ما كتبت، رغم أنها روايتي الأولى نشرًا وإن لم تكن الأولى كتابةً، وهي رواية اجتماعية رومانسية ثقافية سياسية، تحمل عمقًا دينيًّا وفكريًّا هامًّا لكل الأجيال رغم روحها الشبابية وطبيعتها المتنوعة في سماتها بين الجدية والطرّافة والتراجيديا والفكاهة. باختصار، كما أقول دائمًا، مهما كتبتُ من أعمال ستظلّ “ليلى” قطعةً من روحي، أمضيتُ فيها ما يزيد عن العام والنصف كتابةً ورسمًا، فهي تحوي على ما يزيد عن الثلاثين لوحة، وقد أثَّرت بشدة في وجدان من قرؤوها وبالأخص من الجاليات العربية المقيمة بالغرب، فهي تتناول قصة حقيقية لأسرة مهاجرة وحياتها بين الشرق والغرب، وإن حملت بين طيّاتها هوامشًا بسيطة من الخيال. وجديرٌ بالذِّكر أيضًا أنّني قد قطعتُ شوطاً كبيرًا في ترجمتها إلى الإنجليزية، وقريبًا – بإذن الله – سوف تظهر إلى النور “ليلى” المترجمة إلى الإنجليزية. وتحمل “أرجوحة العشق” روايتي الخامسة – والتي تتناول أحداثاُ حقيقية أيضًا – كثيرًا من روح “ليلى” ونكهتها المميّزة.

الأيام نيوز: في بعض الأحيان حين نقرأ لروائي أو روائية، تلتصق بأذهاننا شخصية البطل أو البطلة، ونُسقطها على صاحب الرواية، هل تعبّر أيٌّ من رواياتك على مرحلة معيّنة من مراحل حياتك؟ خاصة أنّك كتبتِ رواية “ورقة لوتري” وأنت فعلاً مهاجرة من المهاجرين العرب الذين يعيشون في الولايات المتحدة؟

أمل الروبي: نعم.. ولا أجد في ذلك أيّ شيء مُخجل، ليس كل ما كتبت يمثّل حياتي بالتأكيد، ولكن بعضًا من مؤلّفاتي يحمل ملامحًا من حياتي بالفعل، ولعل “ليلى والحب المستحيل” أبرزها في هذا الخصوص. أمّا عن “ورقة لوتري” فقد سردتُ فيها أيضًا جزءًا كبيرًا من عصارة تجربتي ورؤيتي ورؤية آخرين غيري إلى واقع المهاجرين العرب في بلاد “العم سام” وبالأخص في مسقط رأسي “نيويورك”، ولذلك حظيت “ورقة لوتري” تحديدًا باهتمامٍ ونجاحٍ ملحوظٍ من بين كل روايتي، حتى أنّها تعَدُّ الثانية ترتيبًا في الرّواج والنجاح بعد “ليلى” بالطّبع.

الأيام نيوز: تجمعين بين الكتابة والشعر والرسم – ما شاء الله – ماهي المواضيع التي تحبّ “أمل الروبي” الكتابة عنها، وما هي المواضيع التي تُفضّلين تجسيدها في لوحات؟

أمل الروبي: كل المواضيع التي تهمّ الإنسانية تهمّني، أكتب عن الغربة بأشجانها وأفراحها كما كان في “ورقة لوتري”، وعن النِّفاق المجتمعي، وصراع الثقافات، وعن الحب وعذاباته وأفراحه كما هو الحال في “ليلى والحب المستحيل”، وأكتب عن المرأة ومعاناتها وقضاياها كما هو الحال في “أحياناً نولد مرتين”، و”هي وقاهر النساء”، وعن الأطفال والعنف الأسري والأمل حينما يلوح لك متأخِّرًا كما هو الحال في “أحيانًا نولد مرَّتين”، وعن المغدورين في الحياة والمولَّهين في الحب كما هو الحال في “أرجوحة العشق”، وعن كل ما يشغل القارئ ويهمّه في جميع رواياتي.

الأيام نيوز: كمقيمة حاليًّا في الولايات المتحدة وحاملة لجنسيتها، كيف ترى “أمل” المجتمع الأمريكي؟ هل من السّهل الاندماج فيه؟

أمل الروبي: هو السّهل الممتنع، ليس سهلاً وليس صعبًا، ولكن من يملك الثقة الكافية والأدوات اللاّزمة يمكنه الاندماج ولكن بحذر وفي حدود، وإلّا ضاعت الهوية الأصلية وتحوّلت إلى ذوبانٍ كامل.

الأيام نيوز: كيف تنظرين إلى الهجرة؟ وهل من وجهة نظرك الحياة في هذا البلد تستحق العناء والصعوبات التي يعانيها المُغترب العربي؟

أمل الروبي: كلّما شقّت وصعبت الحياة في الوطن الأم، كانت الغربة تستحقّ، تستحق أن تسعى وتكدّ وتتعب لتوفير الرزق، ولكن دون أن تضحّي بصلتك بوطنك الأمّ، وبعائلتك، وبأبنائك وهويتهم الدينية والثقافية، لأنّ التّضحية هنا ستكون أغلى وأثمن بكثير من كل أموال الدنيا.

الأيام نيوز: الكثير يرون أن ما يُسمّى بـ “الحلم الأمريكي” أصبح بعيد المنال أو بعبارة أخرى، لم يعد مُتاحًا للجميع، هل تؤمنين بأنّه لا يزال موجودًا؟ وهل يمكن القول أنّ “أمل الروبي” تعيش حلمها الأمريكي؟

أمل الروبي: في الحقيقة أنا لم أسعَ إلى أمريكا مطلقًا في حياتي، بل على العكس قد عانيتُ بسبب ازدواج جنسيتي الكثير ممّا أنا في غنى عن ذكره حاليًا، فقد وُلدت أمريكيّةً بجواز سفرٍ أزرقٍ، ومن ثم انتقلت إلى “النّمسا” وعمري بضعة أشهر، ومن “النّمسا” انتقلت إلى السعودية في سنّ السادسة، وكما ذكرت سابقًا، انتقلت بعدها إلى “مصر” في المرحلة الجامعيّة والتي كانت بمثابة ميلادي الثاني، ولم أترك بلدي الحبيب “مصر” إلَّا في عام 2016 وأنا في الثانية والثلاثين من عمري، كنت حينها في الحافلة أبكي على شبّاكها مع زوجي وأطفالي الثلاثة الذين ورثوا منّي حبّ أرض الكنانة بلدهم الأم والتي كانت مسقط رأسهم جميعًا. كانت هجرتي لظروفٍ عدّة، بعضها خاص وبعضها عام لا داعي لذكره، ولكن لم يكن من بينها الانبهار بالغرب إطلاقًا، أو حتى الغرام بالحلم الأمريكي كما يُسمّونه، وربّما يعود ذلك إلى أسبابٍ عدة من بينها أنّ معظم عائلتي وإخوتي يقيمون في بلاد “العم سام” منذ عقودٍ طويلة، وبعضهم منذ الولادة، وبالتالي فأنا أعي جيّدًا ثمار التجربة سلفًا بمُرِّها قبل حلوها بالتأكيد. أمّا عن النجاح في الغرب بشكلٍ عامٍ فهو في رأيي مرهونٌ بعدّة عوامل أهمّها الصبر والكفاح، والثقة بالنفس، والقدرة على التحمّل والتكيّف وتطوير الذات.

الأيام نيوز: ما هي المواضيع التي تطمح “أمل” للكتابة عنها في المستقبل، وهل تفكرين في ترجمة أعمالك إلى اللغة الإنجليزية؟

أمل الروبي: أطمحُ إلى الكتابة عن كل الأوجاع والجراح التي تثقل كاهل مجتمعاتنا العربية والغربية على حدٍ سواء، وأتمنّى أيضًا أن أضيف ابتسامةً حلوة للقارئ، وبهجةً تغيّرُ مزاجَ يومه، وكذلك حكمةً تلوح في ذهنه، وتُضفي بارقةً تشعُّ في روحه، فكما يُقال نحنُ نكتب كي نحيا فلا نموتُ، وأتمنّى أن تحيا كتاباتي حتى بعد رحيلي عن الحياة، لعلّي أسهمُ ولو بالقليل في وجدان الإنسانية.

الأيام نيوز: وفي الختام، أودّ أن أسألك إن كان قد سبق لك الإطلاع على الأدب الجزائري، وهل هناك أسماء جزائرية أثَّرَت كتاباتها في “أمل الروبي”؟

أمل الروبي: في الحقيقة حتى الآن لم يحالفني الحظّ للقراءة لأدباء من الجزائر الحبيبة التي أوجّه لشعبها كل التحية والتقدير، وإن كنتُ قد قرأتُ لكتّابٍ آخرين من مختلف الدول العربية، ومنها دول المغرب العربي مثل الكاتبة التونسية د. خولة حمدي التي تتمتعُ بأسلوبٍ سلسٍ جميلٍ في أعمالها الأدبية الراقية شكلاً ومضمونًا.

الأيام نيوز: أشكرك وأتمنى لك التوفيق في خطواتك المُقبلة بإذن الله.

أمل الروبي: كل الشكر والتقدير لكم.

سميرة بلعكري - واشنطن

سميرة بلعكري - واشنطن

اقرأ أيضا