إنها حرب بايدن بامتياز.. العصا لدى “إسرائيل” والزر في يد واشنطن

برميها لكل أوراقها في سلة الكيان الصهيوني، دفاعا عن مسمى و”سُمّ” “إسرائيل” في فلسطين، وذلك من خلال “فيتو” إلغاء مشروع المقترح الجزائري بمجلس الأمن والمطالب بحق فلسطين في العضوية الكاملة بالأمم المتحدة، تكون أمريكا قد نزعت عنها كل قناع يستر “صهيونتها” كما يخفي زيف إنسانيتها وديمقراطيتها المزعومتين، ناهيك عن كذبها السياسي حول مسمّى “حل الدولتين”، الذي سوّقته منذ أشهر للخروج من مأزق غزة وثورة الشارع الغربي ضد الارتماء في أحضان الكيان الصهيوني.

والنتيجة في “فيتو” أمريكا الجديد، أنّ البيت الأبيض، لم يعد لديه ما يخفيه من تموقع علني ومفضوح مع دويلة الكيان الصهيوني، لدرجة دفعت الكاتب الصحفي الأمريكي “نيكولاس كريستوف”، إلى الخروج عن صمته ليتساءل عن الدور الأمريكي في حرب الإبادة على غزة،  والذي تجاوز في نظره، الانتصار لـ”إسرائيل” من خلال حمايتها سياسيا ودعمها عسكريا، إلى الحرب بالوكالة عنها، وذلك حين لخّص كل شيء في صورة أنّ غزة، أصبحت حرب “بايدن” وليست حرب “نتنياهو” أو “بيبي” فقط كما يسمّى، والمهم في مقال الكاتب الأمريكي “نيكولاس كريستوف”، أنه تزامن ليس فقط مع “فيتو” أمريكا بمجلس الأمن ضدّ مشروع القرار الذي تقدّمت به الجزائر حول مقترح العضوية الدائمة لفلسطين بالأمم المتحدة، ولكن مع ما كشفه جورنال “وول ستريت” عن نية الرئيس الأمريكي جو بايدن في دعم “إسرائيل” بصفقة أسلحة  جديدة تتجاوز قيمتها مليار دولار، وهو ما يعني أنّ أمريكا ومن خلال عجوزها جو بايدن، لم تقل فقط للعرب “طز فيكم” القذافية، ولكنها قالتها للعالم كله، بدءا من الشعوب الغربية الثائرة في وجه الإبادة الإنسانية، وانتهاء بالشعوب العربية المستكينة لقدر حكامها وما أرضعوه إياها من جينات خضوع وخنوع، أصبحت هي واقع المرعى العربي من المحيط إلى الخليج..

الجزائر ومن خلال مشروع قرارها الذي طرحته بمجلس الأمن وأجهضته لعبة “الثور” الأمريكي في دفاعه عن مزرعته الصهيونية، أزاحت المساحيق من على وجه البيت الأبيض، لتضع أمريكا ومن ورائها جو بايدن، وجها لوجه أمام المجتمع الدولي، ولتخلف وراء “غزوتها” الأممية، أنّ مشكلة “فلسطين” الحقيقية، وليست غزة فقط، مع غربان البيت الأبيض، من آكلات الجثث والسحت الإنساني، وليست فقط مع “نتنياهو” يدعى “بيبي” في العرف الأمريكي، حيث القضية برمتها، هي الحق الفلسطيني الكامل ممثلا في معركة “قدس”، لا يراد لها أن تكون “دولة”، تحت أيّ ظرف كان، والإرادة هنا أمريكية بحتة، فغزة كمعركة مصير متقدّمة، ليست في نهاية الأمر إلا شجرة يخطّط لها أن تحترق حتى تتحوّل فلسطين كلها، كقضية وكتاريخ وكقدس إلى رماد تتناثره عاصفة آل صهيون.

والمهم فيما افتضح من “فيتو” أمريكي متجدّد، أنها ليست أمريكا من تمتلك ذلك “الحق” الأممي في “إجهاض أيّ قرار ضدّ مشروعية الوجود الفلسطيني، عبر مسمى حق “الفيتو”، ولكنها “إسرائيل” من تمتلك الفيتو وأمريكا معا، فالمعركة بطبعتها المفضوحة، معركة البيت الأبيض والحرب حرب جو بايدن، أما الحاكم الفعلي في القرار الأمريكي، فإنه “بيبي”، أو نتنياهو، أثبت للعالم أنّ “الهيكل” المزعوم، ليس إلا “البيت الأبيض” كما أنّ حاخاماته الحقيقيين ليسوا إلا  ساسة وقادة أمريكيين، سواء كانوا عجوز هرم يدعى “بايدن” أو أسود بشرة كان أوباما أو زير نساء كان “كلينتون” أو جزار إنسانية كان بوش ابنا وأبا..

الساخر في مقارعة أمريكا لطبيعة الأرض في فلسطين الجذور والانتماء، أنه رغم “الفيتو” ورغم الحشد والدعم وعمر الـ70 سنة من زرع الهجين في غير تربته، إلا أنّ الأيام تثبت كل لحظة، أنّ غرس صهيون في فلسطين لا ينبت، وإذا نبت فإنّه لا يثبت، لذلك فإنّه من العادي، أن ينفجر الكاتب الإسرائيلي د. جيف هالبر، في وجه الخرافة قائلا: “إنّ “إسرائيل” ستنهار، كما أنها غير قادرة على تحقيق أي انتصار مهما كان نوعه”، وهو الاعتراف الضمني الذي لم تبتلعه الإدارة الأمريكية، كواقع قادم، إذا لم يتجسّد اليوم ففي الغد مربط جياده وفرسانه، والسبب، أنّ ما عجزت كل الأنظمة والإدارات الأمريكية والغربية في تثبيته على مدار 70 سنة من الاحتلال، لا يمكن أن تجسّده إدارة بايدن أو غيره من خلال شطحات سياسية لفضها الوعي العام الدولي، فالفيتو الأمريكي بطبعته الجديدة، قد يؤخّر إعلان فلسطين كدولة لها كل الحقوق الأممية، لكنه لن يلغي أنّها الواقع القادم من ملحمة غزة ومن طوفان أقصاها الذي “جَبّ” كل ما سبق من طمس وتغييب وتمييع لقضية شعب، رسخ في العالم من خلال غزته الصامدة، أنّ بعضا من ذلك الشعب غَسل بطيب دمائه عارَ أمة، حتى وإن خذلته أنظمتها وحكامها إلا أنّ ذلك البعض الصامد لم يخذل أمته، ولسان حاله، اخلع نعليك أيها العالم، فإنّ تراب هذه الأرض من دماء أبنائها.

مجمل القول ومنتهاه، ما تمخّض عنه “فيتو” أمريكا ضدّ مشروع القرار الجزائري، الذي نقل المعركة من ساحة “غزة”، إلى كل شبر يسمّى فلسطين، بدءا من غزة ووصولا إلى القدس فالأقصى وكل نقطة تراب فلسطينية، أنّ إدارة بايدن، وجدت نفسها في ورطة أمام الرأي العام الدولي، بعد أن كانت المنادية بحل الدولتين، كتسويق سياسوي، تريد من خلاله ربح الوقت ومخادعة المجتمع الدولي، كونها الدولة الديمقراطية، التي لا تمانع الحق الفلسطيني، عبر الأطر السياسية، ولكنها تقف ضد “المقاومة” الموشومة في عرفها بالإرهاب، لكن، حين جاءت الفرصة، من خلال مقترح الجزائر بتثبيت عضوية فلسطين كدولة وكشعب، والذي أخرج القضية من ثنائية صراع غزة والكيان الصهيوني، أخرجت أمريكا حقيقة مكامنها الصهيونية، لتؤكّد للعالم، أنها ضدّ “فلسطين”، شعبا ومكوّنا ووجودا، وأنّ معركتها الحقيقية تتجاوز ما يحدث في حدود غزة، وهو ما تجلّى كمّا وكيفا، في انخراط  البيت الأبيض، من خلال وزير خارجية أمريكا، بكل ثقله، لإجهاض مقترح العضوية الفلسطينية، تحت مبررات واهية، لا عنوان لها، سوى أنّ أمريكا ضدّ كل ما هو فلسطيني، سواء كانت غزة أو “رام الله”، ففي عرف “ثيران” البيت الأبيض، فإنّ الأصل، هو “إسرائيل” وأنه لا “بقية” ولا باق بعدها.

وهي الرسالة التي رسّخها الفيتو بعد أن خلّف وراءه في نقض “مقترح” العضوية الدائمة لفلسطين، أنّ معركة “بايدن” الإنسانية، وتصريحاته الإعلامية التي تعاتب نتنياهو وتتحفّظ على إسرافه في القتل، ما هي إلا “تعمية” للرأي العام الدولي، فيما الحقيقة، ما قاله الكاتب الصحفي الأمريكي “نيكولاس كريستوف”، حين اختزل المشهد كله في عبارة: إنها حرب بايدن وليست حرب نتنياهو فقط، فهل ترى من أرادوا عزل غزة عن فلسطين، يفهمون، أنّ حقيقة الصراع الوجودي، أكبر من مساحة غزة ولكنها فلسطين كقضية أمة من تتلاعب بها رياح صهيون وأمريكا؟

أسامة وحيد - الجزائر

أسامة وحيد - الجزائر

اقرأ أيضا