المحلل السياسي الفلسطيني محمد العقرباوي لـ”الأيام نيوز”: الكيان الصهيوني يدخل منعطف التفكّك والزوال

أبرز المحلّل السياسي الفلسطيني عبد الله العقرباوي، أنّ هزيمة وخسارة “إسرائيل” على كل الجبهات وعلى كافة المستويات في حربها الشعواء التي تشنها منذ ستة أشهر كاملة ضدّ الآمنين في بيوتهم في قطاع غزة، كانت نتيجةً متوقعة، بالرغم من أنّ فارق القوة العسكرية والمادية بين فصائل المقاومة الفلسطينية وقوات الاحتلال الصهيوني معلوم لدى العام والخاص، إضافةً إلى الدعم المنقطع النظير الذي يحظى به “جيش” الاحتلال من أكبر خمس دول عسكرية في العالم، زِد على ذلك الغطاء السياسي غير المسبوق الذي منحته الولايات المتحدة الأمريكية للكيان الصهيوني لمواصلة عدوانه الهمجي على الشعب الفلسطيني الأعزل في القطاع.

وفي هذا الصدد، أوضح العقرباوي في تصريح لـ “الأيام نيوز“، أنّ “جيش” الاحتلال الإسرائيلي لم يستفق بعد من صدمة “طوفان الأقصى”، وبعد الهزيمة النكراء التي تعرّض لها بتاريخ السابع من أكتوبر 2023 زاد حقد هذا الاحتلال الجائر ورغبته في الانتقام والتعويض النفسي، فلم يجد سبيلا لذلك غير ارتكاب المزيد من الجرائم المروعة وحرب الإبادة الجماعية بحق الأبرياء والعزل في مجازر يُندى لها جبين الإنسانية ولم يشهد لها التاريخ الحديث مثيلا.

في السياق ذاته، أشار محدثنا إلى أنّ هذه الحرب تتجاوز دلالاتها البعد العسكري والمادي والتدمير وحرب الإبادة والقتل وما إلى ذلك، حيث أنّ كل جانب له أهدافه الخاصة التي سطرها ويسعى إلى ترجمتها وتجسيدها على أرض الواقع، وبناءً على مدى قدرة كل طرف على تحقيق أهدافه المسطّرة يمكن تحديد أيّ فريق انتصر وأيّ فريق انهزم وخسر في نهاية المطاف.

وفي هذا الإطار، أبرز الخبير في السياسة، أنّ الكيان الصهيوني مع بداية عدوانه السافر على قطاع غزّة، رفع ثلاثة شعارات أساسية، الشعار الأول يتعلق بإعادة الرهائن أو الأسرى الصهاينة المحتجزين لدى المقاومة، وهو الأمر الذي لم يتم إلى حدّ هذه اللحظة، ولن يتم إلا من خلال التوصّل إلى إبرام صفقة تبادل وبرغبة ووفق شروط تُحدّدها المقاومة الفلسطينية الباسلة، الأمر الثاني هو القضاء على حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، وهذا الأمر كذلك لم يتم، وعودة الاحتلال مُجددا إلى مستشفى الشفاء أكّدت ذلك، كما أنّ محاولات إيجاد بديل عن حماس في قطاع غزّة، كلها باءت بالفشل وكان آخرها محاولات عناصر من جهاز المخابرات الفلسطينية التابع إلى سلطة رام الله للأسف الشديد الدخول إلى القطاع بعد التنسيق مع الشاباك وجيش الاحتلال تحت ذريعة تأمين توزيع المساعدات الإنسانية، حيث نجحت المقاومة في إلقاء القبض على هؤلاء المتسللين ووضعتهم في الحجز وهم رهن التحقيق الآن.

إلى جانب ذلك، تحدّث العقرباوي عن إعلان قادة العدوّ الصهيوني عن رغبتهم في تهجير الشعب الفلسطيني خارج قطاع غزّة، إلا أنّ الاحتلال الإسرائيلي اصطدم بثبات وإصرار الفلسطينيين وتمسّكهم بأرضهم بالرغم من حجم التضحيات الجِسّام التي قدّمها أهل غزة الأحرار، بعد أن تجاوز عدد الشهداء 32 ألف شهيداً وأكثر من 75 ألف جريحاً معظمهم من الأطفال والنساء.

في سياق متصل، أبرز المحلّل السياسي أنّ شرعية “إسرائيل” على المستوى الدولي بدأت تسقط يوماً بعد يوم، بعد أن وقف العالم بأسره على حقيقة هذا الكيان ومدى وحشيته وعدم إنسانيته من خلال مشاهد القتل والتنكيل التي تمادى الاحتلال في ارتكابها بحق الغزيين، والتي تناقلت مشاهدها مختلف وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي التي فضحت على الملء الوجه الدموي والحقيقي للاحتلال الصهيوني، الذي كان يريد ومع بداية معركة “طوفان الأقصى” أن يضع المقاومة الفلسطينية في قفص الاتهام ويصوّرها للعالم على أنها حركة إرهابية تغتصب الأطفال والنساء، في محاولة يائسة وبائسة لتشويه صورة وسمعة المقاومة، لكن في نهاية المطاف الاحتلال وداعميه هو من يجلس في قفص الاتهام اليوم، وعملية نزع الشرعية عنه تعزّز يوما بعد يوم.

وفي هذا الشأن، تطرق العقرباوي إلى الجهد الجزائري في مجلس الأمن الذي سجّل قرارا غير مسبوق في تاريخ الصراع العربي الصهيوني، والذي يقضي بوقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزّة، هذا القرار الذي جاء على خلاف رغبة “إسرائيل” بعد أن امتنعت الولايات المتحدة الأمريكية عن التصويت، وهذا بحدّ ذاته يعدُّ إنجازاً له ما بعده.

هذا، وأردف محدث “الأيام نيوز” قائلا: “إنّ رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو أيضا كان يريد توحيد الصف الإسرائيلي الداخلي وإطالة أمد حكمه وإدامة حكومته الفاشية مستغلاً في ذلك الحرب على قطاع غزة، إلا أنّ هذا لم يدم إلا أشهرا قليلة، وعادت الخلافات والانقسامات السياسية مجدّدا إلى “إسرائيل”، وباعتقادي أنّ هذه الخلافات ستزداد حدّتها بعد نهاية هذا العدوان، لأنّ هذه الحرب الشعواء على غزّة أضعفت الكيان وجيشه وأضعفت الحكومة والروح المعنوية داخل ما يسمّى بـ”المجتمع الإسرائيلي ككل”.

في السياق ذاته، أوضح المحلّل السياسي، أنّه وبمجرد أن تبدأ لجان التحقيق عملها فيما يخص فشل الأجهزة الأمنية والجيش والحكومة، يبدأ معها مسلسل تحميل المسؤولية لبعضهم البعض، وستزداد معها حدّة الخلافات الداخلية، التي تنتمي أصلا إلى خلاف إيديولوجي وفكري ومناطقي وعرقي، شرقي غربي، حريديم وعلمانيين، ودينيين وغير دينيين، كل ذلك سيكون أكثر تعقيداً بعد نهاية الحرب.

خِتاماً، أبرز المحلّل السياسي الفلسطيني عبد الله العقرباوي، أنّ غزّة ستزهر مُجددا وستتعافى من حجم وهول ما تعرضت له من قصف واستهداف ممنهج لكل ما ينبض بالحياة في القطاع، أما “إسرائيل” فلن تُشفى أبدا من وقع الضربة التي تلقتها على أيدي رجالات المقاومة الأشاوس ذات فجر سبتٍ أسود، وسيبقى تاريخ السابع من أكتوبر 2023 هاجسا لهذا الكيان الذي دخل في منعطف التفكّك والزوال ودخل في منعطف الهزائم العسكرية، ولن يعود هذا الكيان عن هذا كله بل ستستمر هزائمه وتتوالى وتتتابع، على عكس غزّة فهناك فوارق كبيرة جدّا بين المجتمع الصهيوني والمجتمع الفلسطيني، على غرار البعد المعنوي والإيماني والنضالي والتاريخي والقدرة على التحمّل وما إلى ذلك، كلها عوامل تجعل صاحب الحق والأرض من ينتصر في النهاية.

سهام سعدية سوماتي - الجزائر

سهام سعدية سوماتي - الجزائر

اقرأ أيضا