بعد تبرئة الأونروا.. الغرب يواجه الاتهام الصعب

بعد فضح الأكاذيب الصهيونية – حول وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) – وذلك من خلال تقرير أنجزته – بتكليف من الأمم المتحدة – لجنة مستقلة توصّلت إلى أنّ سلطة الاحتلال لم تقدّم دليلاً يدعم اتهاماتها لموظفين في الوكالة بأنهم على صلة بـ”منظمات إرهابية”، دعا الاتحاد الأوروبي جميع المانحين إلى استئناف تمويل هذه المنظمة التي تعدّ شريان حياة للاجئين الفلسطينيين، ولكن، في مقابل هذه الدعوة، يبقى السؤال المحوري: هل ستستجيب الأطراف المعنية إلى نداء “الأونروا” الذي أطلقه فيليب لازاريني، المفوض العام للوكالة، حين دعا مجلس الأمن الدولي إلى إجراء تحقيق في الهجمات التي شنّها الاحتلال الصهيوني على موظفي “الأونروا” ومبانيها في قطاع غزة؟

=== أعدّ الملف: حميد سعدون – سهام سوماتي – منير بن دادي ===

وجّه المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) فيليب لازاريني، الثلاثاء 23 أفريل، انتقادات للكيان الصهيوني، داعياً مجلس الأمن الدولي إلى التحقيق في “التجاهل الصارخ” لعمليات الأمم المتحدة في غزة، بعد استشهاد مئات من موظفيها وتدمير مبانيها.

وتأتي تصريحات لازاريني غداة صدور تقرير للجنة مستقلة كلّفتها الأمم المتحدة بإجراء تقييم لأداء الوكالة. وأشار التقرير إلى أنّ سلطة الكيان الصهيوني لم تقدّم دليلاً يدعم اتّهاماتها لموظفين في «الأونروا» بأنهم على صلة بمنظمات إرهابية.

وقال لازاريني في تصريح لصحافيين، إن الاتّهامات ضد الوكالة “مدفوعة في المقام الأول بهدف، تجريد الفلسطينيين من وضع اللاجئ، وهذا هو السبب في وجود ضغوط اليوم من أجل عدم وجود (الأونروا)” في غزة والقدس الشرقية والضفة الغربية.

وأنشأت الجمعية العامة للأمم المتحدة «الأونروا» في 1949 إلى مساعدة فلسطينيين خسروا منازلهم في الصراع العربي الصهيوني عام 1948، وكذلك أحفادهم. وحالياً تقدّم الوكالة خدمات لنحو 5.9 مليون لاجئ مسجّل.

وقال لازاريني إنه خلال اجتماع عقد مؤخراً مع الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي، دعا أعضاء مجلس الأمن إلى “إجراء تحقيق مستقل ومساءلة عن التجاهل الصارخ لمباني الأمم المتحدة وموظفي الأمم المتحدة وعمليات الأمم المتحدة في قطاع غزة”.

ومنذ اندلاع حرب الإبادة الصهيونية في غزة، وحتى اليوم، استشهد 180 من موظفي «الأونروا»، وتضرّر أو دُمّر 160 من مبانيها، و”استشهد 400 شخص على الأقل أثناء سعيهم للحماية التي يوفّرها علم الأمم المتحدة”، وفق لازاريني.

ويُمعن الاحتلال الصهيوني في استهداف شاحنات المساعدات الإنسانية وفرق تأمينها في كل مكان بغزة، فقد أعلنت وزيرة الخارجية البلجيكية حجة لحبيب أنها ستستدعي السفيرة الصهيونية في بلادها لإدانة قصف المناطق المدنية والسكان في غزة، وللمطالبة بتفسير مقتل موظف إغاثة يعمل في وكالة التنمية البلجيكية وعائلته إثر قصف صهيوني على مدينة رفح جنوب القطاع. وقالت لحبيب في منشور على منصة إكس إن قصف المناطق المدنية واستهداف السكان يتعارضان مع القانون الدولي.

من جهتها، قالت وزيرة التنمية البلجيكية كارولين غينيز في بيان إن عبد الله نبهان (33 عاما) ونجله البالغ من العمر 7 سنوات قتلا مساء يوم الأربعاء 24 أفريل إثر قصف من الجيش الصهيوني في الجزء الشرقي من مدينة رفح. وأضافت أن “القصف العشوائي للبنية التحتية المدنية والمدنيين الأبرياء يتعارض مع كل القوانين الدولية والإنسانية وقواعد الحرب”. وكان نبهان – الذي لم يتم الكشف عن جنسيته – يعمل لدى وكالة التنمية البلجيكية “إينيبل” في مساعدة الشركات الصغيرة.

ووفقا للحكومة البلجيكية، استشهد 7 أشخاص على الأقل في القصف الذي طال مبنى كان يؤوي نحو 25 شخصا، بينهم نازحون من أجزاء أخرى من قطاع غزة. ولا تتوانى الاحتلال الصهيوني عن استهداف موظفي الإغاثة الذين يخدمون في غزة أو مقراتها رغم الإدانات الدولية حيث قتلت العشرات منهم.

استئناف تمويل الأونروا

دعا مفوض الاتحاد الأوروبي، المسؤول عن إدارة الأزمات يانيز لينارسيتش – الثلاثاء 23 أفريل – المانحين الدوليين إلى دعم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في أعقاب تقرير أشار إلى عدم وجود أدلة تثبت أن موظفي الوكالة كانوا أعضاء في مجموعات “إرهابية”.

ورحّب لينارسيتش بالتقرير الذي أكد على العدد الكبير من نظم الامتثال المطبقة في الوكالة، وأوصى بتحسينها. ودعا عبر منصة “إكس” الدول المانحة إلى دعم الأونروا، التي تعدّ شريان حياة للاجئين الفلسطينيين.

فقد أشارت دراسة أجرتها لجنة مستقلة برئاسة وزيرة خارجية فرنسا السابقة كاثرين كولونا إلى عدم وجود أدلة تدعم اتهامات صهيونية للأونروا بتوظيف أكثر من 400 “إرهابي”. وتم تشكيل المجموعة المسؤولة عن المراجعة بعد اتهام الكيان في جانفي الماضي بعض موظفي الأونروا بالمشاركة في عملية “طوفان الأقصى” التي شنتها حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في 7 أكتوبر 2023.

وفي الأسابيع التي تلت ذلك، علّقت عدة دول مانحة أو جمّدت تمويلها بقيمة 450 مليون دولار تقريبا. وبينما استأنفت بعض الدول التمويل مثل السويد وكندا واليابان والاتحاد الأوروبي وفرنسا، لم تستأنف بلدان أخرى التمويل مثل الولايات المتحدة وبريطانيا. والشهر الماضي، وقع الرئيس جو بايدن قانونا يمنع أي تمويل من الولايات المتحدة حتى مارس 2025.

ووفقا للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، فإن تجميد تمويل الهيئة الإغاثية في غزة أثناء العمليات العسكرية الصهيونية قد حوّل القطاع إلى “جحيم” إنساني، حيث يواجه سكانه البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة احتياجات ماسة للغذاء والماء والمأوى والأدوية.

وصرح المتحدث باسم الأمم المتحدة الاثنين 22 أفريل بأن الأونروا لديها حاليا تمويل يكفي لتغطية تكاليف العمليات حتى شهر جوان المقبل. وتم تكليف فريق كولونا بتقييم ما إذا كانت الأونروا تبذل كل جهدها لضمان الحياد، في حين أطلق غوتيريش تحقيقا آخر لتحري اتهامات الكيان.

ومن جهتها، دعت النرويج المانحين الدوليين الثلاثاء 23 أفريل إلى استئناف تمويل وكالة الأونروا بعدما خلص تقرير إلى أن سلطة الكيان الصهيوني لم تقدم بعد أدلة على ارتباط بعض موظفي الوكالة بجماعات “إرهابية”.

والنرويج، التي تعد أيضا من كبار المانحين للوكالة، أعربت عن قلقها إزاء تأثير تقليص التمويل على سكان غزة في أعقاب الاتهامات الصهيونية. وفي بيان، دعا وزير الخارجية “إسبن بارت أيده” الدول التي ما زالت تجمّد تمويلها للأونروا إلى استئناف التمويل. وأضاف أن النرويج تؤكد أنه من غير المقبول معاقبة المنظمة بأكملها، التي تضم 30 ألف موظف، وجميع اللاجئين الفلسطينيين بسبب أفعال مزعومة لعدد قليل من موظفي المنظمة. وقالت وزارتا الخارجية والتنمية الألمانيتان في بيان مشترك، الأربعاء 24 أفريل، إن الحكومة تعتزم استئناف التعاون مع وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا).

وحثت الوزارتان الألمانيتان، الأونروا على تنفيذ سريع لتوصيات تقرير المراجعة، بما يشمل تعزيز الرقابة الداخلية وكذلك تعزيز الإشراف الخارجي على إدارة المشروعات. وجاء في بيان الوزارتين: “دعما لتلك الإصلاحات، ستستأنف الحكومة الألمانية قريبا تعاونها مع الأونروا في غزة كما فعلت أستراليا وكندا والسويد واليابان ودول أخرى”.

وقبل أيام أعلنت الجزائر تقديم مساهمة مالية استثنائية لـ”أونروا” قدرها 15 مليون دولار، وقال وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف بالمناسبة، أن هذه المساهمة الاستثنائية “تضاف إلى ما سبق وأن بادرت الجزائر بتقديمه بصفة مباشرة للسلطة الفلسطينية”، مؤكداً أن الجزائر تعتبر هذه المبادرة “واجباً وحقاً ومسؤولية ثابتة تقع علينا وعلى غيرنا من أعضاء المجموعة الدولية”.

الأونروا عماد المساعدات الإنسانية في غزة

أبرز الممثل الدائم للجزائر لدى الأمم المتحدة، السفير عمار بن جامع “الدور الذي لا غنى عنه” لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) باعتبارها “عماد” عملية إيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة المنكوبة اثر العدوان الصهيوني الغاشم المستمر منذ أزيد من 200 يوم.

وبعد الاستماع إلى إحاطة قدمتها كبيرة منسقي الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية وإعادة الإعمار في غزة، سيغريد كاغ، حول مدى تنفيذ القرار 2720 (2023)، أكد بن جامع يوم الأربعاء 24 أفريل، يقول إن “الأونروا هي عماد عملية إيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة. ويجب أن تعمل بحرية ودون أي تهديد”.

كما أضاف السفير أنه “لم يعد من الضروري مواصلة النقاش حول مصداقية الأونروا وفعاليتها” بعد تقرير اللجنة المستقلة المكلفة بتقييم عمل الأونروا التي ترأسها وزيرة الشؤون الخارجية الفرنسية السابقة كاترين كولونا.

في هذا السياق، ذكر بن جامع بأن تقرير السيدة كولونا قد أشار إلى أن “الأونروا تتبع نهجا للحياد أكثر تطورا من أي جهة أخرى مشابهة أممية أو غير حكومية” وأنّ “إسرائيل” لم تقدّم حتى الآن أدلة تدعم مزاعمها بشأن موظفي وكالة الأونروا”.

واعتبر أنه “لا بديل عن الأونروا ولا يمكن لأية وكالة أممية أن تحل محلها”، مضيفا: “يجب تمكين الأونروا والترخيص لها بالعمل في جميع مناطق قطاع غزة لاسيما في الشمال حيث يلوح خطر المجاعة في الأفق”.

من جهة أخرى، أوضح الدبلوماسي أن “مهمة السيدة كاغ المتمثلة في تسريع إيصال المساعدات الإنسانية إلى السكان المدنيين في قطاع غزة أمر في غاية الأهمية”، معربا عن أسفه أنه “بعد مرور أكثر من أربعة أشهر على تبني القرار 2720 وبالرغم من الجهود التي بذلتها السيدة كاغ وفريقها لإنشاء آلية أممية لتسريع إيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة فإن عهدة (هذه البعثة) لم تنفذ بشكل كامل”.

في هذا الخصوص، دعا السيد بن جامع المجتمع الدولي إلى “بذل كل ما في وسعه لمساعدة السيدة كاغ على أداء مهمتها”. ولتحقيق ذلك، أكد السفير مجددا ضرورة التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار في غزة لضمان “نجاح عملية إيصال المساعدات الإنسانية”.

كما استرسل قائلا “لا يمكن ضمان عمل إنساني آمن في قطاع غزة بأكمله دون وقف لإطلاق النار فوقف العدوان وحده الكفيل بأن يساهم في تلبية احتياجات السكان المدنيين” وإلا فان العاملين في المجال الإنساني سيقدمون مساعدتهم وهم يعرضون حياتهم للخطر.

كما أصر الدبلوماسي الجزائري على ضرورة “فتح جميع المعابر” من أجل “وصول المساعدات الإنسانية دون عراقيل”. وتأسف الممثل الدائم للجزائر لدى الأمم المتحدة بنيويورك، عمار بن جامع لعجز المجتمع الدولي، بما في ذلك القوى الكبرى، على “إجبار القوة المحتلة على احترام التزاماتها بموجب القانون الدولي الإنساني”.

واستطرد يقول إن “الإنزال الجوي، كحل أخير، أصبح الخيار الوحيد، لكنه لا يمثل سوى 3ر0 في المائة من المساعدة الإجمالية المقدمة إلى غزة. لقد تم إغلاق الرواق البحري قبل أن يحقق نتائج ملموسة. ولا توجد بدائل للطرق البرية”.

كما أكد بن جامع على “ضرورة” استئناف النشاط التجاري في غزة، قائلا “مهما كان حجم المساعدة الإنسانية وفعاليتها، لا يمكنها أن تحل محل النشاط التجاري”. وأوضح أن استئناف النشاط التجاري في غزة يتطلب شرطين، ألا وهما “إنهاء الحصار الذي تفرضه السلطات المحتلة، وإطلاق برنامج واسع للتحويلات النقدية للمساعدة من اجل إعادة بعث السوق المحلية بغزة”.

وبخصوص التهديد الصهيوني بشن عملية برية في رفح، جنوب غزة، حذر السفير الجزائري مرة أخرى من مثل هذه العمليات، وقال بأنه “لا ينبغي بأية حال من الأحوال السماح بمثل هذه العمليات”، مذكرا بأن قرابة مليون ونصف فلسطيني محاصرون في رفح، التي أصبحت المركز الإنساني لغزة.

ويرى بن جامع إن “الهجوم البري (في رفح) لن يترك للسكان أي خيار سوى الفرار إلى مصر. ولن تكون هذه كارثة إنسانية وحسب، بل أيضا قطيعة لا رجعة فيها مع السلام والأمن بالمنطقة وخارجها”.

وفي هذا الصدد، دعا سفير الجزائر المجتمع الدولي إلى “ضمان تنفيذ أوامر محكمة العدل الدولية وقرارات مجلس الأمن”، مؤكدا أن “الفشل ليس خيارا”. واستطرد يقول “لا يمكن للقوة المحتلة التي تنشر الموت واليأس أينما حلت أن تملي القواعد. يجب وضع حد لهذه الكارثة”.

تاريخ الكراهية الصهيونية ضدّ الأونروا

ومنذ أن أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة، في الثامن من ديسمبر عام 1949، القرار رقم 302 الخاص بتأسيس وكالة غوث وتشغيل لاجئي فلسطين في الشرق الأدنى، أو “الأونروا” والتي يشار إليها اختصاراً باسم “الوكالة”، وذلك “لتنفيذ برامج إغاثة وتشغيل مباشرة” للاجئي فلسطين.

تمتلك الأونروا، بموجب ذلك القرار الأممي والقرارات الصادرة في السنوات التالية، تفويضاً إنسانياً وتنموياً هدفه تقديم المساعدة والحماية للاجئي فلسطين، وذلك حتى يتم “التوصل إلى حل عادل ودائم لمحنتهم”.

وتستمد الأونروا تفويضها من الجمعية العامة للأمم المتحدة، الجهاز الأم للوكالة، والجمعية العامة وحدها هي التي يمكنها تحديد تفويض الأونروا. ولم يتم تحديد ولاية الوكالة في مصدر أو وثيقة واحدة، لكن ولاية الوكالة مستمدة في المقام الأول من قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة.

يوجد للأونروا مقران رئيسيان، أحدهما في العاصمة النمساوية (فيينا)، والآخر في العاصمة الأردنية (عمّان)، كما توجد لها مكاتب تمثيل في كل من القاهرة ونيويورك وواشنطن وبروكسل.

وتتمثل مهام الأونروا في تنفيذ برامج إغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين مباشرة بالتعاون مع الحكومات المحلية، وكذلك التشاور مع الحكومات المعنية بخصوص تنفيذ مشاريع الإغاثة والتشغيل والتخطيط.

وتقتصر مسؤولية الأونروا على توفير الخدمات لمجموعة واحدة من اللاجئين، وهم الفلسطينيون المقيمون داخل مناطق عمليات الأونروا، في حين تكون المفوضية السامية للاجئين مسؤولة عن اللاجئين في بقية أنحاء العالم.

وتقدم الأونروا المساعدات الإنسانية والخدمات الأساسية للاجئين الفلسطينيين في مخيماتهم في أقاليم رئيسية هي: الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة وفي الأردن ولبنان وسوريا.

وتتمثل الخدمات الأساسية في المقام الأول في مجالات التعليم الأساسي والرعاية الصحية الأولية ورعاية الصحة العقلية والإغاثة والتشغيل وتقديم القروض الصغيرة والمتوسطة. لكن مهام الأونروا أو “الوكالة” تطورت على مر السنين، لتمتد إلى توفير خدمات الطوارئ للأشخاص في منطقة عملياتها من النازحين. كما تطور تفويض الوكالة الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة لاستيعاب الاحتياجات المتغيرة والوضع السياسي للاجئي فلسطين، بما في ذلك ما يتعلق بأنشطة الحماية.

وفي الوقت الحالي، تقدم الأونروا خدماتها لنحو 6 ملايين لاجئ فلسطيني، يعيش نحو الثلثين منهم في 58 مخيماً معترفاً به للاجئين في الأردن ولبنان وسوريا والضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة. وفي عام 2022، بلغ عدد الطلاب المسجلين في مدارس الأونروا 544 ألفاً و710 أشخاص.

كما يتبع الوكالة 140 مركزاً للرعاية الصحية الأولية، موزعة في غزة والضفة وسوريا والأردن ولبنان، وتستقبل أكثر من 7 ملايين حالة مرضية سنوياً، وقد دعمت احتياجات الغذاء والتغذية الطارئة لدى أكثر من مليون و100 ألف لاجئ في قطاع غزة وحده خلال 2022.

وتحت إشراف المفوض العام للوكالة والمندوب العام لها في مكتب عمان، تدير مفوضية الأونروا قطاعات خدمية تشمل مجالات التعليم والصحة والخدمات الاجتماعية والبنى التحتية والمخيمات، وتشرف على ذلك كله مراكز في عدد من المناطق من بينها غزة والضفة وسوريا ولبنان.

لا تمتلك الأونروا سلطة سياسية ولا دورَ لها في حل الصراع الفلسطيني-الصهيوني. كما لا تقوم الوكالة بإدارة مخيمات اللاجئين سواء داخل فلسطين أم خارجها، وليست مسؤولة عن أمن المخيمات أو تطبيق القانون والنظام فيها.

ولا تملك الوكالة تفويضاً للمشاركة في مفاوضات سياسية أو حلولا دائمة. وتنحصر مسؤولية الأونروا في إدارة برامج التعليم والصحة والإغاثة والخدمات الاجتماعية، سواء الموجودة داخل المخيمات أم خارجها. أما المناهج التعليمية نفسها فتخضع لسلطة الإقليم أو الدولة، أي إن مدارس الأونروا تدرس لطلابها المناهج التي يتم تعليمها في مدارس البلد الموجود به المخيم.

من ناحية أخرى، تحمل الأونروا عبئاً مادياً ثقيلاً عن كاهل الكيان الصهيوني، فبصفته سلطة احتلال ملزمة بتوفير خدمات التعليم والصحة والخدمات الاجتماعية والإغاثة للفلسطينيين الواقعين تحت الاحتلال.

لكن على الرغم من ذلك، تكره سلطة الكيان الصهيوني الأونروا وتسعى بشتى السبل إلى تفكيكها والقضاء عليها تماماً؛ إذ يرى السياسيون الصهاينة في الأونروا جهة دولية تحافظ على “حق عودة اللاجئين الفلسطينيين” إلى وطنهم، وهو ما يمثل تهديداً لاستمرار اليهود كأغلبية داخل الكيان، بحسب تحليل نشره موقع ذا نيو هيومانيتريان. 

نتنياهو يريد “تفكيك” الأونروا

يوم 27 جانفي 2024، أعلن وزير خارجية الكيان، يسرائيل كاتس، أن “مكتبه يعمل على الترويج لسياسة تفكيك الأونروا في غزة، وألا يكون لها وجود في اليوم التالي للحرب”. ووجه كاتس، عبر منصة إكس، التحية للولايات المتحدة وكندا ودول أخرى قررت تعليق تمويل الأونروا. أما نتنياهو فقد كان سباقاً في توجيه تلك الادعاءات بأن الأونروا في غزة شاركت في هجوم السابع من أكتوبر، معلناً أن “مهمة الأونروا لابد أن تنتهي”.

ظل نتنياهو يطارد الأونروا ويلفق لها الاتهامات دائماً. ففي جوان من عام 2017، طالب نتنياهو بتفكيك الأونروا ودمج أجزائها في المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للمنظمات الدولية. وفي لقاء مع السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة في ذلك الوقت، نيكي هيلي، اتهم نتنياهو الأونروا بإطالة أمد قضية اللاجئين وباستغلال تمويل الوكالة الأممية في نشر كراهية “إسرائيل”، إضافة إلى تشغيل بعض المنتمين لحركة حماس.

وفي الشهر التالي من العام ذاته، قامت سلطة الكيان الصهيوني إلى جانب الولايات المتحدة الأمريكية بتعطيل مشروع في الأمم المتحدة، يهدف إلى زيادة موازنة الأونروا. ونقل موقع “واللا” العبري حينئذ عن سفير الكيان بالأمم المتحدة، قوله: إن “السنوات الأخيرة كشفت مراراً وتكراراً كيف تستعمل وكالات الأونروا الأموال التي تصلها من المنظمات الدولية والإنسانية لأعمال وفعاليات معادية للكيان، وإنتاج مواد تحريضية وتشغيل عناصر من حركة حماس في صفوفها”.

كما تقوم سلطة الكيان الصهيوني بالتضييق على الأونروا وخنقها حتى لا تواصل عملياتها بشكل طبيعي، فيتم احتجاز حاويات شحن تحمل دقيقاً يكفي احتياجات أكثر من مليون شخص في ميناء أسدود لمدة أكثر من 5 أشهر، ويتم إلغاء الإعفاءات الضريبية التي تتلقاها الأونروا شأنها شأن الوكالات التابعة للأمم المتحدة، أو محاولات إغلاق مكاتب الأونروا ومؤسساتها في القدس الشرقية. إضافة إلى خطوات أخرى منها تقصير مدة تأشيرة الإقامة للموظفين الدوليين في الأونروا، كما قام بنك “إسرائيل” مؤخراً بتجميد حساب الأونروا.

ماذا بعد؟

العالم يقف مجدّدا على زيف الرواية الصهيونية

أفاد ممثل الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين بالجزائر، محمد الحمامي، أنّ الاحتلال الصهيوني المجرم بعد الهزيمة النكراء التي مُنيّ بها بتاريخ السابع من أكتوبر الماضي، حاول وبكل السبل والوسائل المشروعة وغير المشروعة شيطنة المقاومة الفلسطينية، من خلال الترويج على أنها حركة إرهابية تقطع رؤوس الأطفال وتغتصب النساء، وذلك بدعم وإسناد غربي مُنقطع النظير وفي مقدمتهم الولايات المتحدة الأمريكية الداعم رقم واحد للكيان الصهيوني في حربه الشعواء التي يشنها ضد الآمنين في بيوتهم في قطاع غزّة للشهر السابع على التوالي.

وفي هذا الصدد، أوضح الحمامي في تصريح لـ “الأيام نيوز”، أنّ العالم اليوم وقف على زيّف الرواية الإسرائيلية، وكشف مدى وحشية الاحتلال الصهيوني وادعاءاته المغرضة خاصةً بعد المعاملة الإنسانية الراقية التي حظي بها الأسرى الصهاينة لدى إطلاق سراحهم بعد الهدنة الإنسانية التي تم التوصل إليها في وقت سابق وكان ذلك بعد مرور أكثر من 46 يوما من عدوان الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة ردا على معركة “طوفان الأقصى”.

في السياق ذاته، وفي حديثه عن دعوة الاتحاد الأوروبي كل المانحين لاستئناف تمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا” بعد فضح ادعاءات الكيان الصهيوني حول الوكالة، أبرز محدثنا أنّ الكيان الصهيوني ومنذ احتلال فلسطين وهو يعمل على تهجير الشعب الفلسطيني عن أرضه، من خلال القتل والتنكيل وارتكاب العديد من المجازر المروّعة بحق أبناءِ الشعب الفلسطيني الأعزل، على غرار مجزرة صبرا وشتيلا، مجزرة جنين، مجزرة قانا، وقبلها مجزرة دير ياسين وكل ذلك بهدف تهجير شعبنا عن أرضه الفلسطينية.

على صعيدٍ متصل، أفاد ممثل الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، أنه وبعد خروج الشعب الفلسطيني من القرى والمدن التي هُجر منها قسراً سنة 1948 تم اتخاذ القرار رقم 194 الذي يضمن حق عودة اللاجئين الفلسطينيين، والذي شكّل رُعباً حقيقياً لسلطة الاحتلال، وبناءً عليه تم تشكيل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا”، التي تحاولُ

حكومة الاحتلال الصهيونية القضاء عليها في محاولة يائسة من أجل شطب قضية اللاجئين الفلسطينيين، على اعتبار أن هذه الوكالة تُعنى بشؤون اللاجئين الإنسانية والاجتماعية والتعليمية وما إلى ذلك، ولها عدة مهام كبرى أخرى، خاصة وأن 80 بالمائة من الشعب الفلسطيني هم عبارة عن لاجئين في مخيمات سواء في داخل فلسطين أو في خارجها.

وفي إطار مساعيه الرامية إلى تصفية وكالة “الأونروا”، أقدم الاحتلال الإسرائيلي على عدة عمليات إجرامية حتى قبل تاريخ السابع من أكتوبر الماضي، بما في ذلك إبّان الانتفاضة الأولى حيث كان يستهدف المخيمات الفلسطينية على غرار مخيم جباليا ومخيم الشاطئ ومخيمات الوسطى، وفي مخيمات الضفة كذلك، التي تشهد اليوم عمليات اقتحام يومية وتدمير للبنى التحتية للمخيمات وكل ذلك في إطار مواصلة حربه القائمة على وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، بعدما ثبت وبالدليل الملموس زيّف ادعاءاته بشأن ضلوع 12 موظفا تابعا لوكالة إغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا”، في عملية طوفان الأقصى بتاريخ السابع من أكتوبر 2023، وبعدما أدرك العالم باسره أنها عبارة عن كذبة أخرى تُضاف إلى سلسلة الأكاذيب التي يمارسها الاحتلال الصهيوني في كل مرة، ومبررًا ساذجًا حتى توقف الدول الغربية وفي مقدّمتها الولايات المتحدة الأمريكية تمويلها للوكالة الأممية في خطوة زادت من تفاقم الأوضاع الإنسانية للفلسطينيين في قطاع غزة على وجه الخصوص.

وأردف محدث “الأيام نيوز” قائلا: “إنّ قضية اللاجئين هي جوهر الصراع الفلسطيني مع الاحتلال الصهيوني الجائر، ونحن في الجبهة الديمقراطية عندما طرحنا عام 1974 البرنامج المرحلي القائم على تكامل عناصر المشروع الوطني الفلسطيني الذي يتحدث عن نضال شعبنا في عام 1967 من أجل إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف، ونضال شعبنا ضد سياسات التمييز العنصري في مناطق 48 ونضاله في الخارج من أجل العودة، هذه العناصر الثلاثة تشكّل الدولة الفلسطينية المستقبلية، هذا هو الحل الجذري للمسألة الوطنية الفلسطينية وهذا هو الطريق الذي سوف نسلكه واتفقت عليه كل مكوّنات الشعب الفلسطيني بما فيهم الطيار الإسلامي، وهذا ما جاء مؤخراً على لسان القادة الإخوة في حركة المقاومة الإسلامية “حماس””.

في سياقٍ ذي صلة، أشار الحمامي، إلى أنّ تصريحات مفوض الاتحاد الأوروبي يانيز لينارسيتش، يجب أن تأخذ طريقها نحو الفعل وألا تتوقف عند دائرة القول فقط، وذلك من خلال إيفاد لجان خاصة للتحقيق وتقصي الحقائق في قطاع غزّة، من أجل كشف ادعاءات الاحتلال المغرضة، وكشف جرائمه النكراء بحق الأبرياء والعزل في القطاع، بعد دفن الآلاف من الفلسطينيين في مقابر جماعية، في الوقت الذي لا تزال فيه الرسميات عبر مختلف دول العالم تتحدث عن بيانات الشجب والتنديد لا أكثر ولا أقل، الأمر الذي يستدعي من مجلس الأمن قرارا فوريا بالذهاب إلى قطاع غزة، وفضح انتهاكات الاحتلال الصهيوني التي لا تنتهي.

وفي هذا الشأن، أبرز ممثل الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، أنّ هناك طوفاناً بشرياً في الجامعات الأمريكية، وهذا دليل واضح على أن حتى الشعب الأمريكي نفسه بات منحازا إلى الحق الفلسطيني، وكل أحرار العالم منحازين إلى حقوق الشعب الفلسطيني أمام عنجهية ووحشية هذا الاحتلال المجرم، كل هذا يتطلب لملمة الوضع الفلسطيني من جهة، كما يجب على العرب من جهةٍ أخرى أن يلتزموا بمسؤولياتهم القومية والإنسانية والأخلاقية اتجاه شعبنا الفلسطيني، وأن يتعاملوا مع الولايات المتحدة الأمريكية بلغة المصالح وأن يفعلوا عناصر القوة الكثيرة التي يملكونها.

وتابع قائلا: “سنبقى متمسكين بحقنا في العودة إلى بلادنا ولن يستطيع الاحتلال ولا أعوانه ولا الدول التي تقف إلى جانبه من شطب قضية اللاجئين ولا النيل من وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا”، وندعو العرب إلى تشكيل شبكة أمان من أجل دعم هذه الوكالة، فمليارات الدولارات التي تصرف هنا وهناك من بعض الدول العربية للأسف الشديد، كان يجب أن تمنح لوكالة الأونروا من أجل سد الفراغ الذي ألحقته بعض الدول المنحازة للاحتلال، بعد تجميد تمويلها للوكالة الإغاثية”.

هذا، وفي ختام حديثه لـ “الأيام نيوز”، ثمن ممثل الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين بالجزائر، محمد الحمامي، دعوة الاتحاد الأوروبي كل المانحين لاستئناف تمويل وكالة

“الأونروا” التي تعدّ شريان حياة للاجئين الفلسطينيين، مُبرزا في السياق ذاته أنّ إضعاف هذه المنظمة سوف يشكل أزمة إنسانية كبيرة في فلسطين كما سيكون لها انعكاسات وتداعيات خطيرة على مجمل الأوضاع سواء على مستوى دول الطوق التي تستضيف اللاجئين الفلسطينيين أو بالنسبة للدول التي انحازت إلى جانب الاحتلال وأوقفت تمويلها لوكالة “الأونروا”، هذا وأكّد المتحدث على أنّ الشعب الفلسطيني سيبقى متمسكاً بأرضه ولن يحيد عن خيار المقاومة، وفصائل المقاومة بعد سبعة أشهر من العدوان النازي المجرم هي من يتحكم الآن في المعادلة على أرض الميدان والاحتلال يتخبط ويتقف عاجزاً أمام ثبات الشعب الفلسطيني وصمود مقاومته الباسلة.

هل لدى واشنطن ما تقول؟

لجنة دولية تبرّئ “الأونروا” ونتنياهو يواجه الحقيقة

بقلم: علي سعادة – كاتب وصحفي أردني

مخجل جدًّا عندما تعرف بأنّ مساهمة 22 دولة عربية في ميزانية وكالة الأمم المتّحدة لغوث وتشغيل اللّاجئين الفلسطينيين (الأونروا) لا يتجاوز ما تقدّمه دولة واحدة مثل السّويد، بل أنّ قائمة المموّلين الرّئيسيين العشرة الأكبر لا تتضمّن سوى دولة عربية واحدة هي المملكة العربية السّعودية. أمّا قائمة العشرين الأكثر تمويلًا فتضمّ دولتين عربيتين هما الكويت وقطر بالإضافة للسّعودية.

فيما يتربّع على قائمة المانحين، الولايات المتّحدة الأمريكية وألمانيا والاتّحاد الأوروبي، وهذه الدّول الثّلاث تموّل ميزانية الوكالة بحصّة تعادل حصّة باقي دول العالم، وهو ما يجعل هذه الوكالة الحيوية والضّرورية أسيرة مزاجية وسياسات وابتزاز المموّلين الرّئيسيين الذي تماهوا تمامًا مع الرّواية الصّهيونية حول “الأونروا” بأنّ عددًا من موظّفيها شاركوا في الهجوم على مستوطنات محاذية لقطاع غزّة في الـ 7 أكتوبر الماضي، فيما أعلنت الوكالة أنّها تحقّق في تلك المزاعم التي ثبت كذبها وعدم صحّتها عبر لجنة خاصّة ترأستها وزيرة الخارجية الفرنسية السّابقة كاثرين كولونا التي أعلنت تقريرها قبل يومين.

وكان واضحًا أنّ الغرب لم يكلّف نفسه عناء التّأكّد من الرّواية “الإسرائيلية” التي أثبتت الحرب على غزّة بأنّها دولة الكذب والتّلفيق والتّزوير والشّعوذة، وربّما عرفت ذلك لكنّها فضّلت لعب دور المتواطئ من الباطن. فدافع سلطة الاحتلال من مهاجمة “الأونروا” بشراسة كان “تجريد الفلسطينيين من وضعية اللّاجئ”، وبشكل خاص في قطاع غزّة، بحسب مفوّض الوكالة فيليب لازاريني.

واستنادًا للسّرد الصّهيوني المخزي والبائس قرّرت 18 دولة تجميد أو قطع تمويلها الوكالة في نفس الوقت، دول بكامل هيبتها ومؤسّساتها انساقت بشكل انفعالي وطفولي ونزق وراء دولة مارقة ومنبوذة. وأبدت دول الغرب واليابان شبه موافقة على اعتداء الاحتلال على هذه الوكالة الدّولية حيث استخدمت مبانيها، لأغراض عسكرية “إسرائيلية”، كما جرى أيضًا اعتقال موظّفيها وتعرّضوا لسوء المعامل وقتل موظّفيها بشكل متعمّد، وجرى تدمير مدارسها وعياداتها الصّحية والطّبية بشكل ممنهج دون أن هذه الدّول تكلّف نفسها عناء الإدلاء بتصريح واحد يدين هذه الجرائم ضدّ منظّمة أممية.

جدير بالذّكر أنّ “الأونرو” تأسّست بقرار من الجمعية العامّة للأمم المتّحدة عام 1949، وتمّ تفويضها بتقديم المساعدة والحماية للّاجئين في مناطق عملياتها الخمس في الأردن وسوريا ولبنان والضفّة الغربية وقطاع غزّة.

وفيما قامت بعض الجهات والدّول بمراجعة قراراتها بوقف تمويل “الأونروا” وأفرجت عن تمويلات للوكالة لا تزال الولايات المتّحدة أكبر مموّل بنحو 344 مليون دولار تعاند الحقيقة والضّمير، وتعادي الشّعب الفلسطيني وتحرمه من خدمات الوكالة، التي تعدّ المنظّمة الوحيدة في العالم التي تستطيع تقديم خدماتها للفلسطينيين في غزّة بشكل خاص وباقي الدّول العربية بشكل عام.

وهو موقف مستهجن خصوصًا بعد أن ثبت عبر عدّة تقارير محايدة ومستقلّة بأنّ الرّواية الصّهيونية حول “الأونروا” هي افتراء وفضلات وبقايا براز سياسي يطلقه المهرّج بنيامين نتنياهو، المعروف بأنّه أكبر كذّاب في التّاريخ، متفوقًا طبعًا على مسيلمة الكذّاب نفسه.

بعد ثبوت براءة “الأونروا”..

المطلوب ملاحقة “إسرائيل” 

بقلم: علي أبو حبله – محام فلسطيني

بعد أن عجزت حكومة الحرب الصّهيونية عن تقديم أيّ إثباتات أو أدلّة بحقّ وكالة وتشغيل اللّاجئين عن تورّط عدد من موظّفيها في هجمات 7 أكتوبر من العام الماضي، وثبت أنّ عملية الاتّهام قصد منها التّحريض على أعمال الوكالة وإنهاء المهام المكلّفة بها لإغاثة وتشغيل اللّاجئين الفلسطينيين، والاتّهامات “الإسرائيلية” للوكالة ليست الأولى من نوعها، فمنذ بداية الحرب على غزّة، عمدت “إسرائيل” إلى اتّهام موظّفي الأونروا بالعمل لصالح “حماس”، في ما اعتُبر تبريرًا مسبقًا لضرب مدارس ومرافق المؤسّسة في القطاع التي تؤوي عشرات الآلاف من النّازحين، معظمهم من الأطفال والنّساء، وفق مراقبين.

اتهامات “إسرائيل” للأونروا هي اتّهامات سياسية وهدفها تصفية قضيّة اللّاجئين في المقدّمة.. والمنظّمة الأممية فضحت كذب الاحتلال بغلق المعابر.. وكشفت مجازره البشعة في مراكز الإيواء التّابعة لها تجاه النّساء والأطفال.

وبعد براءة وكالة الأونروا من التّهم التي نسبت إليها من قبل الكيان الصّهيوني بتعاونها مع منظّمات إرهابية وعجز سلطات الاحتلال الصّهيوني في تقديم دليل يدعم ذلك الاتّهام، طالبت الوكالة بالتّحقيق حول الجرائم التي ارتكبتها قوّات الاحتلال ضدّها من استهداف ممنهج في قتل موظّفيها وتدمير مبانيها وإعاقة عملها في قطاع غزّة، كما ساعد تقرير البراءة من عودة الدّعم لها من دول العالم.

فقد دعا مفوّض الاتّحاد الأوروبي المسؤول عن إدارة الأزمات يانيز لينارسيتش المانحين الدّوليين إلى دعم وكالة غوث وتشغيل اللّاجئين الفلسطينيين (أونروا) في أعقاب تقرير أشار إلى عدم وجود أدلّة تثبت أنّ موظّفي الوكالة كانوا أعضاء في مجموعات “إرهابية” ورحّب لينارسيتش بالتّقرير الذي أكّد على العدد الكبير من نظم الامتثال المطبّقة في الوكالة، وأوصى بتحسينها، ودعا لينارسيتش عبر منصّة “إكس” الدّول المانحة لدعم الأونروا، التي تعدّ شريان حياة للّاجئين الفلسطينيين.

وأفادت مجموعة مستقلّة مسؤولة عن مراجعة الأونروا بوجود “مشاكل تتعلّق بالحياد” في تقريرها الصّادر أوّل أمس الإثنين، لكن دراسة أجرتها وزيرة خارجية فرنسا السّابقة كاثرين كولونا أشارت إلى عدم وجود أدلّة تدعم اتّهامات “إسرائيل” للأونروا بتوظيف أكثر من 400 “إرهابي” وتمّ تشكيل المجموعة المسؤولة عن المراجعة بعد اتّهام “إسرائيل” في جانفي الماضي بعض موظّفي الأونروا بالمشاركة في عملية “طوفان الأقصى” التي شنّتها حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في 7 أكتوبر 2023.

وبينما استأنفت بعض الدّول التّمويل مثل السّويد وكندا واليابان والاتّحاد الأوروبي وفرنسا، لم تستأنف بلدان أخرى التّمويل مثل الولايات المتّحدة وبريطانيا.

وإثر ذلك طالب المفوّض العام لوكالة الأونروا فيليب لازاريني، مجلس الأمن بالتّحقيق في التّجاهل الصّارخ لعمليات الأمم المتّحدة بغزّة بعد استشهاد مئات من موظّفيها وتدمير مبانيها، موجّها انتقادات حادّة لسلطات الغزو والاحتلال “الإسرائيلية”.

ووفقًا لما نقلته  وكالات الأنباء، قال لازاريني إنّه دعا “أعضاء مجلس الأمن إلى إجراء تحقيق مستقل ومساءلة عن التّجاهل الصّارخ لمباني الأمم المتّحدة وموظّفيها وعملياتها في قطاع غزّة”، مضيفًا أنّ “مباني الوكالة التي تمّ إخلاؤها استخدمت لأغراض عسكرية، في حين تمّ اعتقال موظّفين تابعين للوكالة وتعذيبهم”، وأضاف لازاريني “هنا تكمن أهميّة إجراء تحقيق ومساءلة تجنّبًا لتكريس معايير أكثر تدنيًّا في أيّ نزاعات مستقبلية”، جاءت تصريحات لازاريني، غداة صدور تقرير للّجنة مستقلّة كلّفتها الأمم المتّحدة إجراء تقييم لأداء الوكالة.

ويذكر أنّه ومنذ اندلاع الحرب على غزّة استشهد 180 من موظّفي الأونروا، وتضرّر أو دمّر 160 من مبانيها، وقتل 400 شخص على الأقل أثناء سعيهم للحماية التي يوفّرها علم الأمم المتّحدة”، وفق ما صرّح به لازاريني.

وعلى أهمية التّقرير في دحض أكاذيب “إسرائيل” ومن يقف خلفها، وتعريتهم، وفضح أهدافهم الخبيثة المستهدفة من حيث المبدأ وجود وكالة الأونروا، وسعيهم الحثيث لتصفيتها، واستبدالها كخطوة متقدّمة على طريق شطب ملف اللّاجئين الفلسطينيين، أحد أهم الملفّات الأساسية للقضيّة الفلسطينية، إلّا أنّ التّقرير جانب الصّواب في أكثر من نقطة:

أوّلًا: محاولة تنفيذ سياسة تكميم الأفواه والغمز في حقّ الموظّفين الفلسطينيين في التّعبير عن مواقفهم السّياسية، التي تعكس حقّهم في الحريّة والاستقلال والعودة وتقرير المصير، في محاولة مفضوحة لعزلهم عن كينونتهم وانتماءهم لشعبهم؛

ثانيًا: التّقرير جاء خاليًا من أيّ إدانة لحكومة الحرب على افتراءاتها وتضليلها للمجتمع الدّولي واعتبار أنّها دول فصل عنصري وتطهير عرقي وتمارس في حربها سياسة التّطهير العرقي.

ثالثًا: لم يطالب التّقرير بملاحقة ومحاكمة قادة “إسرائيل” على ادعاءاتهم وافتراءاتهم وارتكابهم جرائم حرب بحقّ مؤسّسة أممية دولية ومنشآتها والعاملين فيها.

رابعًا: لم يشر التّقرير إلى تحميل حكومة نتنياهو اليمنية العنصرية المتطرّفة المسؤولية عن استهداف أكثر من 170 موظّفًا، وهو الرّقم الأعلى في خسائر هيئة الأمم المتّحدة من موظّفيها الأمميين منذ تأسيسها، مع أنّهم يفترض محميين بحكم عملهم في الوكالة الأممية. ولم يتعرّض التّقرير للتّدمير الهائل لمؤسّسات ومدارس ومراكز وكالة الغوث الصّحية من قبل “إسرائيل” التي بحسب قرار محكمة العدل الدّولية الأوّلي والاحترازي متّهمة بتهم الإبادة الجماعية.

في ظلّ التّحقيقات وانعدام الدّليل على الاتّهامات وكشف الحقائق والأسباب والمسبّبات وراء الادعاءات “الإسرائيلية” المضلّلة وهدفها تصفية القضية الفلسطينية وحجب المعلومات عن الجرائم المرتكبة وبعد افتضاح النّوايا “الإسرائيلية” فهل ستشرع الأمم المتّحدة عبر مجلس الأمن بتشكيل لجنة تحقيق أممية للتّحقيق في جرائم ما ارتكب من قبل حكومة الحرب بحقّ وكالة غوث وتشغيل اللّاجئين ومسائلة حكومة الحرب عن جرائمها بحقّ المؤسّسة الدّولية حسب طلب مفوّض “الأونروا” أو أنّ مجلس الأمن الذي يتعامل بسياسة الكيل بمكيالين سيتجاهل تلك المطالب استنادًا لشريعة الغاب التي شرعتها الولايات المتّحدة الأمريكية التي تقدّم الدّعم الكامل للتّغطية عن جرائم “إسرائيل” المرتكبة بحقّ مؤسّسة تتبع الأمم المتّحدة وهي نفس السّياسة والنّهج المتّبع في كلّ ما يتعارض وأمن الكيان “الإسرائيلي” أو الانتقاد أنّه معادي للسّامية.

الأيام نيوز - الجزائر

الأيام نيوز - الجزائر

اقرأ أيضا