بعد نجاح خطة إرهاق الغرب.. محور “موسكو – طهران – بكين” يتجسّد

أصبح محور “روسيا – إيران – الصين” حقيقة ماثلة أمام أنظار الغرب المصاب بالإرهاق بسبب تعدّد جبهات الصراع حوله، فقد أبدت كل من موسكو وبكين استعدادهما لتوسيع وتوثيق التعاون العسكري مع طهران، وذلك على هامش اجتماع لمنظمة شنغهاي للتعاون الذي أقيم أمس الجمعة في كازاخستان.

وفي هذا الشأن، قال وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، إنّ روسيا مستعدة لتوسيع التعاون العسكري والفني مع إيران، وذلك خلال اجتماع مع نظيره الإيراني محمد رضا أشتیانی. ونقلت وكالة الإعلام الروسية عن شويغو قوله إنّ الاتصالات بين الإدارات العسكرية في البلدين زادت بشكل كبير في الآونة الأخيرة.

وكانت وكالة رويترز، قد نقلت عن 6 مصادر أنّ إيران زوّدت روسيا بعدد كبير من صواريخ أرض – أرض الباليستية، في خطوة تعزّز التعاون العسكري بين البلدين الخاضعين للعقوبات الأمريكية. وفي نوفمبر، نقلت وسائل إعلام إيرانية عن مصادر مطلعة قولها إنّ طهران أكملت ترتيبات شراء طائرات مقاتلة من طراز “سوخوي-35” ومروحيات روسية الصنع، وذلك في إطار توطيد العلاقات العسكرية بين البلدين.

وقال شويغو في تصريحات سابقة إنّ إيران “شريك إستراتيجي” لبلاده في الشرق الأوسط، وإنّ “العلاقات الروسية الإيرانية في المجال الدفاعي تتطوّر بشكل دينامي وإيجابي”. ومن جهته، قال الوزير الإيراني إنّ “علاقاتنا مع روسيا تتعمق وتتوسع وتصل إلى مستوى جديد”، معربا عن امتنانه لروسيا على دعمها طهران خلال الهجوم على القنصلية الإيرانية في دمشق.

ومن جانب آخر، اتفق وزير الدفاع الصيني مع نظيره الإيراني على تعاون عسكري أوثق. وقال أشتياني، عقب محادثات مع وزير الدفاع الصيني دونغ جون في العاصمة الكازاخستانية أستانا، “هناك حاجة لتحسين التعاون والتقارب على الجانبين لحل المشكلات الأمنية الإقليمية والدولية”. ويشارك الوزراء الثلاثة في اجتماع لمنظمة شنغهاي للتعاون بكازاخستان.

وتسعى الدول الثلاث إلى تعزيز علاقاتها العسكرية بعد أن فرضت الدول الغربية عقوبات على كل منها. وانضمت إيران إلى منظمة شنغهاي للتعاون العام الماضي، وفي مطلع العام انضمت إلى منظمة بريكس، وأعضاؤها الأساسيون البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا. وأصبحت الصين المستهلك الرئيسي للنفط الإيراني وشريكا اقتصاديا مهما، ووقع البلدان اتفاقية تعاون مدتها 25 سنة في 2021.

وفي مارس الفرط، نشرت صحيفة “نيزافيسيمايا” الروسية أنّ تحالفا جديدا يجري تشكيله في شمال المحيط الهندي بين الصين وروسيا وإيران، وأنّ مناورات بحرية مشتركة بين السفن الحربية للدول الثلاث تجري في “خليج عمان” باسم “الحزام الأمني البحري”.

وأوضحت الصحيفة في تقرير للكاتب فلاديمير سكوسيريف يقول فيه إنّ مناورات مماثلة تجري منذ عام 2018، لكن المناورات الحالية تحظى بأهمية خاصة بالنسبة إلى موسكو في ضوء الصراع في أوكرانيا. ويجري التقارب الروسي مع إيران أيضا على خلفية إنشاء ممر النقل بين الشمال والجنوب. وبحسب وكالة “تاس” الروسية شاركت سفينة القيادة للأسطول الروسي في المحيط الهادي والطراد الصاروخي “فارياغ” والفرقاطة “المارشال شابوشنيكوف” في المناورات.

ووفقا لإحدى الصحف الصينية يقوم البحارة الصينيون بالتدرب على إطلاق النار في البحر وعلى عمليات إنقاذ الرهائن المحتجزين لدى القراصنة. كما تم إطلاق النار والحفاظ على الاتصال بين السفن باستخدام الإشارات الضوئية. ومن الجانب الصيني، شاركت 6 سفن، من بينها المدمرة الصاروخية الموجهة أورومتشي. بينما شاركت قوات خاصة من الصين وإيران في مناورات مكافحة القرصنة.

ووفقا للكاتب فقد قالت بكين إن التدريبات تهدف إلى الحفاظ بشكل مشترك على الأمن البحري في المنطقة. وكتبت صحيفة “جنوب الصين” الصباحية عن أن المسؤولين الصينيين يفضلون عدم الخوض في تصاعد الوضع في البحر الأحمر بعد أن بدأ التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة بالانتقام من القوات اليمنية

وذكر الكاتب أن بكين، التي تمتلك سفنا في قاعدة عسكرية في جيبوتي، لم تدن رسميا هجمات القوات اليمنية، واكتفت بدعوة طهران إلى ممارسة الضغط عليهم، بينما تزعم وسائل الإعلام الغربية أن صادرات البضائع الصينية إلى أوروبا عبر قناة السويس انخفضت نتيجة هجمات اليمنيين.

وينقل الكاتب عن بنجامين بارتون الأستاذ المشارك في حرم جامعة نوتنغهام في ماليزيا قوله إن تكرار التدريبات المشتركة بين القوات البحرية لروسيا وإيران والصين هو دليل على التعاون المتزايد بين الدول الثلاث في البحر. وهذا مهم بشكل خاص لأن البحر الأحمر أصبح ساحة معركة جديدة بين إيران والتحالف الغربي. وعليه، فإن إدراج أنشطة مكافحة القرصنة في تدريبات الدول الثلاث هو مجرد خدعة لصرف انتباه الصحافة عن المعنى الحقيقي للمناورات.

ونقل التقرير عن صحيفة “نيويورك تايمز” قولها إنه إلى جانب التقارب الإستراتيجي بين الدول الثلاث، فإن روسيا، التي كانت تعتمد في وقت سابق على أوروبا في التجارة، تمهد طرقا جديدة تسمح لها بتجاوز القيود، وهو خط السكة الحديدية عبر أذربيجان وإيران إلى موانئ إيران في الخليج العربي، التي لا تبعد كثيرا عن مومباي، العاصمة التجارية للهند، وهو طريق يختصر الوقت بنسبة تتراوح بين 25% إلى 30% بين روسيا والموانئ على الخليج العربي ومومباي، ومن المتوقع أن يتم الانتهاء من المشروع بحلول عام 2028. وقد أصبح هذا الطريق بمثابة شريان الحياة لروسيا وإيران في ضوء الأحداث في أوكرانيا والبحر الأحمر.

وحيد سيف الدين - الجزائر

وحيد سيف الدين - الجزائر

اقرأ أيضا