زملاء العمل والجيران غير موثوقين.. لمن يرتاح الأمريكيون عند الحديث عن صحتهم العقلية؟

تزايدت أهمية الصحة العقلية والرفاهية العاطفية بشكل كبير في الولايات المتحدة الأمريكية، لا سيما في ضوء التحديات النفسية التي واجهها العديد من الأمريكيين خلال جائحة كوفيد 19. وبينما يشجّع المتخصّصون في مجال الصحة العقلية، المعنيين على ضرورة تكوين شبكة دعم موثوقة من الأشخاص القريبين منهم، للتغلب على لحظات الحياة الصعبة، يجد بعض الأمريكيين صعوبة كبيرة في الانفتاح بشأن صحّتهم العقلية، مع الأشخاص المحيطين بهم مباشرة، أو حتى لمعالجي وخبراء الصحة العقلية والنفسية.

يقول نصف الأمريكيين أو أكثر قليلا من النصف “57℅” إنهم يشعرون براحة شديدة عند التحدّث عن صحتهم العقلية مع صديق مقرّب، أو أحد الأقارب المباشرين “52℅”، أو معالج الصحة العقلية “50℅”، وفقا لبحث جديد أجراه مركز “بيو للأبحاث”.

وتدلّ النسب المذكورة على وجود شريحة أخرى من الأمريكيين لا تشعر بالارتياح عند الحديث عن صحتهم العقلية، لا مع الأشخاص المقربين منهم ولا مع المتخصّصين، حيث يقول حوالي ثلاثة من كل عشرة بالغين أمريكيين أو 31℅، إنهم سيكونون مرتاحين إلى حد ما فقط عند التحدّث مع صديق مقرّب حول صحتهم العقلية، كما يقول 12℅ إضافيين إنّهم لا يشعرون بالراحة على الإطلاق لفعل ذلك.

غالبية الأمريكيين يفضّلون الحديث مع أزواجهم فقط

حين يتعلق الأمر بأشخاص آخرين قد ينفتح عليهم الأمريكيون بشأن صحتهم العقلية، تختلف مستويات الراحة حسب اختلاف العلاقة مع المستمع، حيث ينظر المتزوّجون أو الأشخاص الذين يعيشون في علاقات دون زواج، إلى الطرف الآخر على أنه مصدر مهم للدعم النفسي.

والغالبية العظمى من هؤلاء الأمريكيين ونسبتهم 79℅ يشعرون براحة شديدة في الحديث عن صحّتهم العقلية مع أزواجهم أو شركائهم، وهو أعلى مستوى من الراحة سجّلته الدراسة، ومصدر الدعم الهام هذا غير متاح لجميع البالغين، حيث يقول حوالي أربعة من كل عشرة أمريكيين إنهم غير متزوجين ولا يعيشون مع شريك، في حين يقول ستة من كل عشرة إنهم كذلك.

ويشعر الأمريكيون الذين يحضرون الشعائر الدينية بشكل متكرّر بالارتياح إلى حد كبير عند مناقشة صحتهم العقلية مع الزعماء الدينيين، وبشكل عام، يقول “31%” من البالغين في الولايات المتحدة إنهم يشعرون براحة شديدة عند التحدث عن هذا الأمر مع زعيم روحي أو ديني، لكن الراحة أعلى بكثير بين البالغين الذين أفادوا بأنّهم يحضرون الشعائر الدينية مرة واحدة على الأقل في الأسبوع “58%”، في حين أنّ أصحاب الحضور المنتظم قالوا إنّهم مرتاحين أكثر.

زملاء العمل والجيران خارج دائرة الثقة 

خلافا لأفراد العائلة والزعماء الدينيين، يشعر الأمريكيون إلى حد كبير بعدم الارتياح عند الحديث عن صحتهم العقلية مع زملائهم في العمل أو جيرانهم. ويقول ما يقرب من نصف الأمريكيين العاملين أو “48℅”، وفقا لتقرير “بيو للأبحاث”، إنهم لن يشعروا بالراحة أو لن يشعروا بالراحة على الإطلاق عند التحدّث عن هذا الأمر مع زميل في العمل، كما يقول ما يقرب من ثلثي الأمريكيين بشكل عام “68℅”، إنهم لن يشعروا بالارتياح عند التحدّث عن صحتهم العقلية مع أحد الجيران.

وسجّلت الدراسة الموسومة بـ”من الذي يشعر الأمريكيون بالراحة عند التحدّث معه عن صحتهم العقلية؟”، اختلافات كبيرة في مدى الراحة عند الحديث عن الصحة النفسية حسب الجنس أو العمر، على الرغم من أنّ هذه العوامل مرتبطة باحتمالية التعرّض لحالات معيّنة تتعلّق بالصحة النفسية، فعلى سبيل المثال، تقول نسب مماثلة من النساء “53℅” والرجال “47℅”، إنهم يشعرون براحة شديدة في التحدّث إلى المعالج بشأن صحتهم العقلية.

وتظهر الاختلافات بشكل متواضع عند تقسيم المستجوبين وفق الفئات العمرية، حيث يعبّر البالغون الذين تتراوح أعمارهم بين 18 إلى 29 عاما، والذين تتراوح أعمارهم بين 65 عاما أو أكثر، عن مستويات مماثلة من الراحة عند التحدّث عن صحتهم العقلية مع صديق مقرّب أو أحد أفراد العائلة المباشرين أو المعالج.

ويقول خبراء الصحة، إنّ وجود علاقات متنوّعة وداعمة يمكن أن يعزّز الصحة العاطفية، ويقدّم استطلاع مركز “بيو للأبحاث”، وهو منظمة مستقلة تعني بجمع البيانات وتحليلها، صورة مختلطة للشبكات التي يلجأ إليها الأمريكيون للحديث عن صحتهم العقلية.

فمن جهة، يقول ما يقرب من نصف الأمريكيين أو “47℅”، إنهم يشعرون بارتياح شديد عند إجراء محادثات تتعلق بالصحة العقلية مع ثلاثة أنواع أو أكثر من الأشخاص المشمولين في الاستطلاع، ومن جهة أخرى، تبيّن أنّ “15%” من الأمريكيين لا يشعرون بارتياح كبير أو شديد عند الحديث عن صحتهم العقلية مع أي من الأشخاص الذين اقترحهم الاستطلاع، و هم أفراد العائلة المباشرين، الأصدقاء، زملاء العمل والجيران والزعماء الدينيين.

وخلصت الدراسة إلى ترجيح أنّ البالغين الأمريكيين غير الشركاء وغير المتزوجين، هم أكثر عرضة من البالغين الأمريكيين الشركاء والمتزوجين لعدم الشعور براحة كبيرة عند التحدّث عن صحتهم العقلية مع أي من الأشخاص الذين تم اقتراحهم، ومن بين الأمريكيين غير المتزوجين والذين لا يعيشون مع شريك، فإنّ حوالي ربعهم أو “23℅” قالوا إنّهم لا يشعرون بالارتياح الشديد عند التحدّث عن صحتهم العقلية مع أي من الأشخاص الذين تم سؤالهم عنهم في الاستطلاع، وهذا أكبر من نسبة الأمريكيين المتزوجين أو الشركاء الذين يقدّمون الرد ذاتهم، والذين قدّرت نسبتهم بـ “10℅” فقط.

سميرة بلعكري - واشنطن

سميرة بلعكري - واشنطن

اقرأ أيضا