شعبيته في تدني مُستمر.. الرئيس بايدن هو الأسوء بالنسبة للأمريكين منذ 70 سنة

يواجه الرئيس الأمريكي جو بايدن وحملته الانتخابية، معضلة كبيرة تتعلق بإستمرار تدني مستويات الموافقة على أدائه الوظيفي، وبينما يحتدم الصراع بينه وبين خصمه الرئيس السابق دونالد ترامب، خاصة في الولايات المتأرجحة التي عادة ما تحسم النتيجة النهائية للرئاسيات الأمريكية، يعبّر الأمريكيون عن عدم رضاهم على سياسات بايدن، سواء المتعلقة بالسياسة الخارجية، وأبرزها التعاطي مع العدوان الصهيوني على قطاع غزة، أو المتعلقة بالسياسة الداخلية، وفي مقدّمتها أزمة المهاجرين العابرين للحدود الجنوبية للبلاد، بطرق غير نظامية.

بلغ متوسط ​​الموافقة على أداء الرئيس جو بايدن، حسب بيانات جديدة نشرتها مؤسسة “Gallup” أو “غالوب”، 38.7℅ خلال الربع الثالث عشر الذي أكمله مؤخرا في منصبه، والذي بدأ في 20 جانفي 2021 وانتهى في الـ 19 أفريل 2024، ولم يحصل أي من الرؤساء التسعة الآخرين المنتخبين لفترة ولايتهم الأولى منذ فترة رئاسة دوايت أيزنهاور، الذي حكم الولايات المتحدة ما بين 1953 و1961، على متوسط ​​​​موافقة أدنى في الربع الثالث عشر أقل من ذلك الذي حصل عليه بايدن.

بالعودة إلى الرؤساء الأمريكيين الذين شهدتهم البلاد، خلال العقود الأخيرة، يتضح أنّ الرئيس جورج بوش الأب، هو الآخر شهد شعبية متدنية، وخلال الربع الثالث عشر من فترته الرئاسية، بلغت نسبة الموافقة على أدائه 41.8℅ في عام 1992، كما بلغ متوسط ​​الموافقة على أداء كل من الرئيس السابق دونالد ترامب وقبله الرئيس باراك أوباما، أسلاف بايدن المباشرين في المنصب، 46.8℅ و45.9℅ على التوالي، خلال نفس الفترة من رئاستهما.

أما الرئيس جيمي كاتر فقد بلغ متوسط الموافقة على أدائه أقل من 50℅ في الربع الثالث عشر من ولايته، وهو ما أدى إلى جعله رئيسا لعهدة واحدة، كما هو الحال مع كل جورج بوش الأب، والرئيس السابق دونالد ترامب الذي خسر انتخابات إعادة رئاسته للبلاد لعهدة ثانية في عام 2020، أمام الرئيس الحالي جو بايدن.

ليس كل رئيس أمريكي يتحصل على نسبة منخفضة من الرضى على أداء مهامه يخسر معركة إعادة انتخابه، فهناك 4 من بين 6 رؤساء أمريكيين أعيد انتخابهم، رغم أنّ نسب الموافقة على أدائهم تراوحت ما بين 51℅ و 55℅، خلال الربع الثالث العشر من فترتهم الرئاسية الأولى، ويتعلق الأمر بكل من ريتشارد نيكسون ورونالد ريغان وبيل كلينتون وجورج بوش الابن، وبمراجعة بيانات أداء الرؤساء الأمريكيين خلال السبعين السنة الماضية، يتضح أنّ الرئيس الأسبق دوايت أيزنهاور، هو الرئيس الأمريكي الوحيد الذي حصل على نسبة موافقة مرتفعة، خلال نفس الفترة من العهدة الرئاسية الأولى، حيث تحصل على  73.2℅، وفق بيانات مؤسسة “غالوب”، المتخصصة في جمع وتحليل البيانات، ومقرها العاصمة الأمريكية واشنطن.

الفوز بعهدة ثانية غير مضمون

من منظور تاريخي أوسع، يحتل متوسط الربع السنوي الأخير للرئيس الحالي جو بايدن المرتبة 277 من بين 314 ربعا رئاسيا في سجلات “غالوب التي يعود تاريخها إلى عام 1945، وهو ما يضعه في خانة أدنى من جميع الرؤساء السابق ذكرهم.

وتُعد نسبة الموافقة على أداء بايدن المسجّلة مؤخرا، الأدنى خلال فترته الرئاسية حتى الآن، وعلى الرغم من أنها لا تختلف بشكل كبير عن نسبة الربع السنوي السابق، والتي كانت في حدود الـ 39℅، إلا أنها توحي بأنّ الموافقة على أدائه في تدني مستمر.

وتأتي هذه النتائج المتدينة، في ظل استمرار العدوان الصهيوني على قطاع غزة، وارتفاع أعداد المهاجرين غير النظاميين، عبر المعابر غير القانونية على الحدود الجنوبية للولايات المتحدة، ومشاكل داخلية أخرى، يبدو أنّ الأمريكيين غير راضين على سياسات البيت الأبيض بقيادة جو بايدن لمواجهتها.

وتتعدّد الاحتجاجات الطلابية التي تحوّلت إلى تمرد عبر مختلف الجامعات الأمريكية، احتجاجا على الدعم غير المشروط، من قبل الرئيس جو بايدن للحكومة الإسرائيلية، وجيشها الذي يواصل حملة الإبادة الجماعية في حق المدنيين الفلسطينيين، أحسن دليل على أنّ شريحة واسعة، مُعظمها من الشباب، الذين يصوّتون عادة لحزب بايدن الديمقراطي، غير راضيين، عن سياسة الرئيس تجاه العدوان الإسرائيلي على غزة.

وفشل مشروع قانون قُدّم سابقا لإصلاح قوانين الهجرة، والتصدي لملايين المهاجرين الذين دخلوا البلاد بطرق غير قانوينة، عبر الحدود البرية مع المكسيك، هو الآخر ساهم في تدني شعبية الرئيس بايدن، الذي لم تشفع له مؤشرات الاقتصاد الكلي التي سجّلت تحسنا نسبيا، وخاصة نمو الوظائف.

وتستمر معدلات الموافقة على أداء الرئيس جو بايدن في الانخفاض، بشكل غير عادي، خاصة لدى الناخبين الجمهوريين والمستقلين، الذين لا تتجاوز نسبة رضاهم عن وظيفته الـ 33℅، بينما تواصل الغالبية العظمى من الديمقراطيين المنتمين إلى حزبه، منحه نسبة موافقة إيجابية تبلغ 83℅. ورغم أنّ القاعدة الانتخابية للحزب الديمقراطي، تبدو راضية على أدائه بنسبة عالية، إلا أنّ ذلك لا يعني أنّ فوزه بعهدة ثانية سيكون سهلا، فالفوز برئاسة الولايات المتحدة، لا يعتمد على الناخبين المنتمين لحزب المترشح، بل يحتاج إلى تأمين أصوات ناخبين آخرين مُستقلين، يقتنعون بأداء المترشح وبرنامجه المستقبلي، وهو ما يبدو من الصعب حصوله مع بايدن، وفق البيانات السابقة الذكر.

وفي عام انتخابي حاسم، يتأثّر فيه الشارع الأمريكي بعدة قضايا تتعلق بالسياسة الداخلية والسياسة الخارجية للإدارة الأمريكية، وأدائها، وبينما يأمل الرئيس جو بايدن في أن يكافئه الناخبون الأمريكيون بولاية رئاسية ثانية، تُظهر البيانات واستطلاعات الرأي المتعلقة بتوجهات الناخبين وميولاتهم، أنه بحاجة إلى تغييرات كبيرة في مواقفه وسياساته للبقاء في البيت الأبيض.

سميرة بلعكري - واشنطن

سميرة بلعكري - واشنطن

اقرأ أيضا