لجنة دولية تبرّئ “الأونروا” ونتنياهو يواجه الحقيقة.. هل لدى واشنطن ما تقول؟

مخجل جدًّا عندما تعرف بأنّ مساهمة 22 دولة عربية في ميزانية وكالة الأمم المتّحدة لغوث وتشغيل اللّاجئين الفلسطينيين (الأونروا) لا يتجاوز ما تقدّمه دولة واحدة مثل السّويد، بل أنّ قائمة المموّلين الرّئيسيين العشرة الأكبر لا تتضمّن سوى دولة عربية واحدة هي المملكة العربية السّعودية. أمّا قائمة العشرين الأكثر تمويلًا فتضمّ دولتين عربيتين هما الكويت وقطر بالإضافة للسّعودية.

فيما يتربّع على قائمة المانحين، الولايات المتّحدة الأمريكية وألمانيا والاتّحاد الأوروبي، وهذه الدّول الثّلاث تموّل ميزانية الوكالة بحصّة تعادل حصّة باقي دول العالم، وهو ما يجعل هذه الوكالة الحيوية والضّرورية أسيرة مزاجية وسياسات وابتزاز المموّلين الرّئيسيين الذي تماهوا تمامًا مع الرّواية الصّهيونية حول “الأونروا” بأنّ عددًا من موظّفيها شاركوا في الهجوم على مستوطنات محاذية لقطاع غزّة في الـ 7 أكتوبر الماضي، فيما أعلنت الوكالة أنّها تحقّق في تلك المزاعم التي ثبت كذبها وعدم صحّتها عبر لجنة خاصّة ترأستها وزيرة الخارجية الفرنسية السّابقة كاثرين كولونا التي أعلنت تقريرها قبل يومين.

وكان واضحًا أنّ الغرب لم يكلّف نفسه عناء التّأكّد من الرّواية “الإسرائيلية” التي أثبتت الحرب على غزّة بأنّها دولة الكذب والتّلفيق والتّزوير والشّعوذة، وربّما عرفت ذلك لكنّها فضّلت لعب دور المتواطئ من الباطن. فدافع سلطة الاحتلال من مهاجمة “الأونروا” بشراسة كان “تجريد الفلسطينيين من وضعية اللّاجئ”، وبشكل خاص في قطاع غزّة، بحسب مفوّض الوكالة فيليب لازاريني.

واستنادًا للسّرد الصّهيوني المخزي والبائس قرّرت 18 دولة تجميد أو قطع تمويلها الوكالة في نفس الوقت، دول بكامل هيبتها ومؤسّساتها انساقت بشكل انفعالي وطفولي ونزق وراء دولة مارقة ومنبوذة. وأبدت دول الغرب واليابان شبه موافقة على اعتداء الاحتلال على هذه الوكالة الدّولية حيث استخدمت مبانيها، لأغراض عسكرية “إسرائيلية”، كما جرى أيضًا اعتقال موظّفيها وتعرّضوا لسوء المعامل وقتل موظّفيها بشكل متعمّد، وجرى تدمير مدارسها وعياداتها الصّحية والطّبية بشكل ممنهج دون أن هذه الدّول تكلّف نفسها عناء الإدلاء بتصريح واحد يدين هذه الجرائم ضدّ منظّمة أممية.

جدير بالذّكر أنّ “الأونروا” تأسّست بقرار من الجمعية العامّة للأمم المتّحدة عام 1949، وتمّ تفويضها بتقديم المساعدة والحماية للّاجئين في مناطق عملياتها الخمس في الأردن وسوريا ولبنان والضفّة الغربية وقطاع غزّة.

وفيما قامت بعض الجهات والدّول بمراجعة قراراتها بوقف تمويل “الأونروا” وأفرجت عن تمويلات للوكالة لا تزال الولايات المتّحدة أكبر مموّل بنحو 344 مليون دولار تعاند الحقيقة والضّمير، وتعادي الشّعب الفلسطيني وتحرمه من خدمات الوكالة، التي تعدّ المنظّمة الوحيدة في العالم التي تستطيع تقديم خدماتها للفلسطينيين في غزّة بشكل خاص وباقي الدّول العربية بشكل عام.

وهو موقف مستهجن خصوصًا بعد أن ثبت عبر عدّة تقارير محايدة ومستقلّة بأنّ الرّواية الصّهيونية حول “الأونروا” هي افتراء وفضلات وبقايا براز سياسي يطلقه المهرّج بنيامين نتنياهو، المعروف بأنّه أكبر كذّاب في التّاريخ، متفوقًا طبعًا على مسيلمة الكذّاب نفسه.

علي سعادة - كاتب وصحفي أردني

علي سعادة - كاتب وصحفي أردني

اقرأ أيضا