ما يجمع ترامب وديسانتيس.. رؤية مزدوجة للقوة والتأثير في الانتخابات الأمريكية

في هذه المرحلة من الحملة الانتخابية للرئاسيات الأمريكية، فإنّ كل تصريح أو موقف أو تحالف، هدفه المال ثم المال ثم المال، ثم السياسة، وحاكم ولاية فلوريدا رون ديسانتيس لديه شبكة علاقات واسعة مع المتبرعين الأثرياء، وترامب يتربع على شعبية واسعة وسط القاعدة الانتخابية للحزب الجمهوري، ما يعني أنّ المصالحة التي حدثت بينهما مؤخرا، هي تحالف خاضع لقاعدة “رابح رابح”.

ووفق هذه القاعدة، فإنّ المصلحة الفردية لكل من ترامب وديسانتيس مضمونة، فالأول هدفه المال، والثاني هدفه الدعم السياسي، لكن السؤال الذي يُطرح الآن هو: هل سيختار ترامب ديسانتيس لمنصب نائب الرئيس المُحتمل؟ وهل سيُساعده هذا الاختيار على الفوز بالرئاسة؟

وعبر منشور على منصته “تروث سوشال”، أعلن دونالد ترامب حصوله على “الدعم الكامل” لرون ديسانتيس، عقب وجبة فطور جمعتهما بملعب “غولف”، أذابت الجليد المحيط بعلاقتهما منذ إعلان ديسانتيس منافسة ترامب على ترشيح الحزب الجمهوري، تحسبا لرئاسيات الـ 5 نوفمبر 2024.

وكتب الرئيس السابق دونالد ترامب على حسابه بمنصة “تروث سوشال”: “أنا سعيد جدًا بالحصول على الدعم الكامل والحماسي الذي عبّر عنه حاكم فلوريدا رون ديسانتيس.. لقد عقدنا اجتماعا رائعا، رتّبه الصديق المشترك ستيف ويتكوف، في نادي شل باي الجميل بفلوريدا”.

عين ترامب على المانحين وعين ديسانتيس على الناخبين

وبعد معارضته لسياسة الإغلاق التي أقرتها إدارة بايدن عام 2021، تزامنا مع الإنتشار الواسع لفيروس كوفيد 19، وحربه الكبيرة على المثلية الجنسية من خلال إقرار قوانين تمنع إدراج محتويات تتعلق بها ضمن المناهج الدراسية في الأقسام الإبتدائية والمتوسطة، وكذا معاركه القانونية مع شركة “والت ديزني”، الداعمة لهذه الشريحة، فاز رون ديسانتيس بإعادة انتخابه في منصب حاكم فلوريدا بأغلبية ساحقة أمام منافسه الديمقراطي تشارلي كريست في انتخابات التجديد النصفي شهر نوفمبر 2022، وسطح نجمه في سماء الحزب الجمهوري المحافظ كقائد جديد قادر على سحب البساط من تحت قدمي الرئيس السابق دونالد ترامب.

وركّز رون ديسانتيس على قوانين الإجهاض كقضية أخرى على قدر كبير من الأهمية بالنسبة للقاعدة الانتخابية المحافظة، وفي شهر أفريل 2022، وقّع تشريعا يحظر الإجهاض بعد 15 أسبوعا من الحمل، كما احتل عناوين الصحف مرة أخرى بعد إرسال طائرتين مستأجرتين تحملان مهاجرين غير شرعيين – كانوا سابقا في ولاية تكساس – إلى جزيرة مارثا فينيارد، بولاية ماساتشوستس، التي يحكمها الديمقراطيون، احتجاجا على ما اعتبره فشلا في وقف تدفق المهاجرين غير الشرعين عبر الحدود الجنوبية للولايات المتحدة الأمريكية.

وقدّم الإعلام الأمريكي العام الماضي، حاكم ولاية فلوريدا رون ديسانتيس، على أنه السياسي الأقدر على تخليص الحزب الجمهوري من تغوّل ما سُمي بـ “الترمبية”، نسبة للشعبية الواسعة التي يحظى بها الرئيس السابق لدى الناخبين المنتمين إليه، لكن الشعبية التي اكتسبها سرعان ما بدأت في التراجع، عقب إعلان ترشحه للرئاسة الأمريكية في الـ 24 ماي 2023، وبداية معركة جديدة مع العناوين الصحفية السلبية، والمقالات والتحليلات الناقدة، التي رأت أنّ اعتباره الخليفة المحتمل لترامب، طرح مبالغ فيه، وذهبت إلى القول بأنّ ديسانتيس لا يملك من الشعبية ما يؤهله لكسب أصوات الجمهوريين المحافظين، وهزيمة بايدن في الرئاسيات المقبلة.

وإلى جانب الحرب الإعلامية، واجه رون ديسانتيس هجمات شخصية متكرّرة من الرئيس السابق دونالد ترامب، وتلقى رد فعل عنيف من طاقم حملته، لينتهي الأمر بعد المشاركة في مناظرتين تمهيديتين للحزب الجمهوري، إلى ذوبان احتمالات فوزه بترشيح الحزب الجمهوري.

وقبل انسحابه من السباق الرئاسي، بعد المؤتمر الحزبي في ولاية أيوا شهر جانفي الماضي، كانت لجنة الانتخابات التابعة لديسانتيس قد أمّنت أكثر من 138 مليون دولار أمريكي، بينما جمع بمفرده ما يزيد عن الـ 30 مليون دولار، ما يعني أنّ دونالد ترامب، قد كسب دعم ومساندة سياسي استطاع في أول مرة يترشح فيها للرئاسيات الأمريكية جمع ما يقارب الـ 200 مليون دولار.

إذن فالفائدة متبادلة، فحاكم ولاية فلوريدا الذي انسحب في وقت مُبكر من الانتخابات التمهيدية، بمساندته للرئيس السابق دونالد ترامب، سيستفيد من القاعدة الانتخابية الواسعة، والشعبية الكبيرة التي يحظى بها هذا الأخير، وسط الناخبين الأمريكيين الجمهوريين، وذوي الميول السياسية المحافظة.

لكن السؤال المطروح بعد هذا التصالح والتحالف بين الخصمين السابقين هو: هل سيختار دونالد ترامب رون ديسانتيس للظهور إلى جانبه على بطاقة الإقتراع العام، ليكون نائب الرئيس في حال فوزه بالانتخابات؟ وهل سيخدم ذلك الرئيس السابق؟

لا أحد يستطيع التنبأ بخطوات ترامب المستقبلية، لكن إن حدث ووقع اختياره على ديسانتيس لمنصب نائب الرئيس، فمعظم القراءات تذهب إلى الاستنتاج بأنّ تطابق رؤيتهما حول أهم القضايا التي تهم الناخبين، قد يحول دون استقطاب الناخبين المستقلين ذوي الميول المحافظة، الذين سيكون إقناعهم بالتصويت لترامب، رهن اختياره لشخص أقل محافظة وأكثر وسطية.

سميرة بلعكري - واشنطن

سميرة بلعكري - واشنطن

اقرأ أيضا