تتوالى مزاعم اليمين المتطرف الفرنسي بشأن استفادة الجزائر من علاقاتها مع فرنسا، في حين تكشف الحقائق أن المستفيد الحقيقي من هذه الشراكة هو باريس. فقد فتحت الجزائر خلال الأسبوع الماضي ملفًّا حساسًا لطالما تجاهلته السلطات الفرنسية، يتعلق بالعقارات التي تستغلها فرنسا على التراب الجزائري بإيجارات رمزية لا تعكس قيمتها الحقيقية.
كما أن العديد من الاتفاقيات الثنائية، مثل اتفاقية 1968 الخاصة بالهجرة واتفاق 1994 المتعلق بالتعاون الاقتصادي، تمنح المؤسسات الفرنسية امتيازات واسعة داخل الجزائر، دون أن تقابلها معاملة بالمثل للجانب الجزائري في فرنسا. وفي ظل هذه المعطيات، تطرح الجزائر تساؤلات جوهرية عن توازن العلاقات الثنائية، مؤكدة أن الوقت قد حان لوضع حد للخطابات المضللة والكشف عن الحقيقة.
وفي هذا الصدد، كشفت وكالة الأنباء الجزائرية أن وزارة الشؤون الخارجية الجزائرية استدعت، خلال الأسبوع الماضي، سفير فرنسا في الجزائر، ستيفان روماتي، لبحث ملف العقارات التي وضعتها الجزائر تحت تصرف فرنسا، وهو ملف طالما تجاهلته باريس، ويكشف عدم توازن واضح في المعاملة بين البلدين.
إيجارات زهيدة
وأفادت وكالة الأنباء بأن اليمين المتطرف الفرنسي يواصل البحث عن قضايا لإثارة الجدل، حيث اتخذ مؤخرًا من العلاقات الجزائرية-الفرنسية موضوعًا جديدًا، متهمًا الجزائر بالاستفادة من مساعدات فرنسية مزعومة وعدم احترام الاتفاقيات الثنائية.
وأضافت الوكالة أن برونو روتايو، أحد الشخصيات البارزة في هذا التيار السياسي، لم يتردد في الترويج لهذا الخطاب، متجاهلاً حقيقة أساسية، وهي أن فرنسا هي المستفيد الأكبر من هذه العلاقات.
وأشارت إلى أن فرنسا تشغل 61 عقارًا في الجزائر مقابل إيجارات زهيدة، من بينها مقر السفارة الفرنسية الذي يمتد على 14 هكتارًا في أعالي العاصمة الجزائرية، بإيجار لا يعادل حتى تكلفة غرفة خدم في باريس.
كما أن إقامة السفير الفرنسي، المعروفة باسم “ليزوليفيي”، والتي تمتد على 4 هكتارات، تستفيد من إيجار رمزي ظل ثابتًا منذ 1962 حتى أوت 2023، في مقابل عدم منح فرنسا معاملة مماثلة للجزائر على أراضيها، يشير المصدر ذاته.
اختلال التوازن في الاتفاقيات الثنائية
وأكدت وكالة الأنباء الجزائرية أن فرنسا تستفيد بشكل كبير من الاتفاقيات الثنائية، مثل اتفاقية 1968 التي تمنح الجزائريين نظام هجرة خاصًّا، رغم أن باريس لا تتوقف عن انتقادها دون الإشارة إلى الفوائد التي تجنيها، خصوصًا من خلال العمالة الجزائرية التي ساهمت بشكل كبير في إعادة إعمار فرنسا وتنميتها الاقتصادية، دون أن تحظى الجزائر بامتيازات مشابهة.
وأضافت الوكالة أن الأمر ذاته ينطبق على اتفاق 1994، الذي ينظم التعاون التجاري والاستثماري، حيث أتاح للشركات الفرنسية فرصًا واسعة في السوق الجزائرية، بينما تواجه الشركات الجزائرية عقبات كثيرة عند محاولة العمل في فرنسا، مما يعكس عدم التكافؤ في المصالح الاقتصادية.
وفي ظل هذه الحقائق، أكدت وكالة الأنباء الجزائرية أنه إذا رغبت فرنسا في فتح نقاش بخصوص المعاملة بالمثل واحترام التعهدات، فستُظهر الوقائع أي الطرفين استفاد أكثر من هذه الاتفاقيات وأيا منهما لم يلتزم بتعهداته.
كما شددت الوكالة على ضرورة وضع حد للخطابات المضللة التي تهدف إلى التلاعب بالرأي العام، مؤكدة أن فرنسا، وليست الجزائر، هي الطرف الأكثر استفادة من هذه العلاقة منذ عقود.