ارتدادات الرد الإيراني.. أمريكا بين نار التصعيد وثبات الدعم للكيان !

بعد الهجوم الإيراني على الكيان الإسرائيلي، ردا على استهداف القنصلية الإيرانية في سوريا، سارعت الولايات المتحدة الأمريكية، إلى التأكيد على أنها لن تشارك في أيّ هجوم إسرائيلي مضاد، تفاديا لتوسّع رقعة الصراع وتحوّله إلى حرب إقليمية مُتعدّدة الأطراف.

لكن الموقف الأمريكي الذي عبّر عنه جو بايدن من خلال مكالمة هاتفية، جمعته برئيس وزراء الكيان الإسرائيلي، تبعها بيان توضيحي نشره البيت الأبيض، يتناقض مع مشاركة القوات الأمريكية في الشرق الأوسط، في ردع المسيرات والصواريخ الإيرانية نيابة عن الكيان الإسرائيلي، ويطرح تساؤلات عن احتمالية تورّط أمريكي جديد، في عمل عسكري في الخارج، وعن الآليات القانونية المُنظمة لإتخاذ هذا القرار.

وأبلغ الرئيس الأمريكي جو بايدن، رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، خلال مكالمة هاتفية، أنّ الولايات المتحدة لن تدعم أيّ هجوم مضاد إسرائيلي ضدّ إيران، حسب تصريح مسؤول كبير في البيت الأبيض لموقع “أكسيوس”، أمس الأحد، وقال مسؤولون أمريكيون إنّ بايدن وكبار مستشاريه يشعرون بقلق بالغ من أنّ الرد الإسرائيلي على الهجوم الذي نفذته إيران، ليلة السبت، سيؤدي إلى حرب إقليمية ذات عواقب كارثية.

وأطلقت إيران طائرات مسيرة وصواريخ هجومية، ضدّ الكيان الإسرائيلي، ليلة السبت، ردا على غارة جوية إسرائيلية سابقة استهدفت القنصلية الإيرانية في سوريا في الأول من أفريل الجاري، وأسفرت عن مقتل عناصر من الحرس الثوري الإيراني، أبرزهم الجنرال محمد رضا زاهدي، الذي كان يشغل منصب قائد فيلق حرس الثورة لسوريا ولبنان.

وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، الأدميرال دانييل هاغاري: “تم إطلاق أكثر من 200 طائرة بدون طيار وصواريخ كروز وصواريخ باليستية من إيران”، وأضاف أنّ معظم التهديدات تم اعتراضها خارج المجال الجوي الإسرائيلي، ومن جانبه قال مسؤول دفاعي أمريكي، في وقت سابق، إنّ القوات الأمريكية في المنطقة أسقطت طائرات بدون طيار أطلقتها إيران باتجاه الكيان الإسرائيلي.

وبحسب مسؤول البيت الأبيض، الذي تحدّث لموقع “أكسيوس”، فإنّ الرئيس جو بايدن قد أبلغ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أنّ الجهود الدفاعية المشتركة التي بذلتها الولايات المتحدة الأمريكية، ودول أخرى في المنطقة، إلى جانب الكيان الإسرائيلي، قد أدت إلى فشل الهجوم الإيراني. وبحسب نفس المصدر فإنّ بايدن قال لنتنياهو ” You got a win. Take the win ” أو “لقد فزت، خذ الفوز”.

وقال المسؤول إنّ رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي، عبّر عن تفهمه لموقف الرئيس الأمريكي جو بايدن، الذي أكد أنّ الولايات المتحدة الأمريكية لن تشارك في أيّ عمليات هجومية ضدّ إيران، ومن جهته قال مسؤول إسرائيلي كبير، لموقع “أكسيوس” إنّ وزير الدفاع الأمريكي، لويد أوستن تحدّث – السبت – مع نظيره الإسرائيلي يوآف غالانت، وطلب منه إخطار الولايات المتحدة قبل أيّ رد إسرائيلي على إيران.

وفي بيان نشره البيت الأبيض الأمريكي، بعد المكالمة الهاتفية، قال الرئيس جو بايدن إنّ الجيش الأمريكي نقل طائرات ومدمّرات للدفاع الصاروخي الباليستي إلى المنطقة، على مدار الأسبوع الماضي، مما ساعد الكيان الإسرائيلي، على إسقاط جميع الطائرات بدون طيار والصواريخ القادمة من إيران واليمن وسوريا والعراق.

وأضاف بايدن: “أخبرت رئيس الوزراء نتنياهو أنّ “إسرائيل” أظهرت قدرة رائعة على الدفاع ضد الهجمات غير المسبوقة وهزيمتها – مما يبعث برسالة واضحة إلى أعدائها، بأنهم لا يستطيعون تهديد أمن “إسرائيل” بشكل فعال”. وأشار الرئيس الأمريكي إلى أنه سيجري مكالمة هاتفية، مع قادة مجموعة السبع لتنسيق رد دبلوماسي موحّد على الهجوم الإيراني، قائلا: “سوف يتواصل فريقي مع نظرائهم في جميع أنحاء المنطقة. وسنبقى على اتصال وثيق مع قادة “إسرائيل”. وعلى الرغم من أننا لم نشهد هجمات على قواتنا أو منشآتنا اليوم، إلا أننا سنظل يقظين في مواجهة جميع التهديدات ولن نتردّد في اتخاذ إجراءات بشأنها”، وختم جو بايدن بالقول: “سنتخذ كل الإجراءات اللازمة لحماية شعبنا”.

من يتخذ قرار مشاركة الولايات المتحدة في الحرب ؟

مشاركة الولايات المتحدة الأمريكية في التصدي للهجوم الإيراني على الكيان الإسرائيلي، وإلتزام الرئيس الأمريكي جو بايدن بالدفاع عن الإسرائيليين، يُعزّز احتمالية تورط أمريكي في حرب جديدة، لكن قرار دخول الولايات المتحدة الأمريكية في الحرب يخضع لقوانين مختلفة، يمنح البعض منها صلاحية اتخاذ القرار للكونغرس الأمريكي، ويسمح البعض الآخر للرئيس بصفته القائد الأعلى “رئيس الأركان” أو “Commander in Chief” بإعلان الحرب.

واستخدمت إدارات أمريكية متعددة تفويض استخدام القوة العسكرية لعام 2001 “AUMF” في هجمات الـ 11 سبتمبر، وتفويض استخدام القوة العسكرية لعام 2002 للحرب في العراق، لمجموعة من العمليات الإضافية في الخارج لعقود من الزمن، كما يمكن أن تستخدم الإدارة الأمريكية قرار سلطات الحرب لعام 1973 لتبرير أي عمل عسكري في الخارج، ولكن سيتعيّن عليها إبلاغ الكونغرس بما ستفعله، دون الحاجة إلى إعلان الحرب أو التفويض باستخدام القوة العسكرية الذي يعد من صلاحيات الكونغرس، وقد تم استخدام هذا الخيار أكثر من 100 مرة منذ عام 1973.

وبموجب المادة الأولى، من القسم الـ 8 للدستور الأمريكي، يتمتع الكونغرس بسلطة “إعلان الحرب”، ولكن بموجب المادة الثانية، من القسم الـ 2، فإنّ الرئيس هو “القائد الأعلى”، وتاريخيا تنازل الكونغرس، تدريجيا، عن صلاحيات الحرب لصالح الإدارة منذ عقود، حيث اعتمد العديد من الرؤساء على المادة الثانية وقرار سلطات الحرب لتبرير قرارات التورط العسكري في الخارج، وقد أعلن الكونغرس الحرب 11 مرة فقط في تاريخ البلاد، كان آخرها إعلان الحرب ضد رومانيا في عام 1942.

ويؤكد الرئيس الأمريكي جو بايدن، امتناع واشنطن عن المشاركة في أي رد إسرائيلي، على الهجوم الذي نفذته إيران نهاية الأسبوع، تفاديا حرب إقليمية ستؤدي إلى اشتعال المنطقة ككل، وتنتهي إلى عواقب كارثية، لكن مشاركة الولايات المتحدة في اعتراض المسيرات والصواريخ الإيرانية، يطرح تساؤلات حول حقيقة نأي واشنطن بنفسها عن الصراع.

سميرة بلعكري - واشنطن

سميرة بلعكري - واشنطن

اقرأ أيضا