نحو تصفية الاستعمار في الصحراء الغربية.. تحضيرات جزائرية لحسم المواجهة الدبلوماسية في نيويورك

قبيل ساعات قليلة من عقد مجلس الأمن الدولي جلسة مغلقة – أمس الثلاثاء – لبحث مستجدات الوضع في قضية الصحراء الغربية، استقبل رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، ضيفه رئيس الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية إبراهيم غالي لترتيب أوراق الملف الصحراوي والدفع به – أمام المجتمع الدولي – إلى أفق الحسم النهائي.

وجاء في بيان لرئاسة الجمهورية على موقعها الرسمي في موقع (فيسبوك)، إنّ المحادثات بين الوفدين الجزائري والصحراوي تمّت بقصر المرادية، وحضرها عن الجانب الجزائري مدير ديوان رئاسة الجمهورية بوعلام بوعلام، ورئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق أول السعيد شنقريحة.

وأتى استقبال الرئيس تبون لنظيره الصحراوي قبيل عقد مجلس الأمن الدولي – أمس الثلاثاء – مشاورات مغلقة حول بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية (المينورسو)، إذ استمع أعضاء مجلس الأمن لإحاطتين قدّمهما الممثل الخاص للصحراء الغربية ورئيس بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية، ألكسندر إيفانكو، والمبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، ستافان دي ميستورا.

وأطلع دي ميستورا في إحاطة أولى، أعضاء مجلس الأمن الدولي على نتائج اتصالاته ومشاوراته مع مختلف الأطراف المعنية والفاعلين الدوليين في هذا النزاع، كما قدّم رئيس بعثة المينورصو، ألكسندر ايفانكو، إحاطة تخصّ الوضع الميداني. وبحسب جدول أعمال مجلس الأمن الدولي لشهر أفريل والذي تتولى رئاسته الدورية مالطا، جاء عقد المشاورات تماشياً مع القرار 2703، إذ جدّد مجلس الأمن بموجبه ولاية بعثة المينورسو لمدة سنة أخرى إلى غاية الحادي والثلاثين أكتوبر 2024.

وقدّم القرار صيغة جديدة ترحب بعقد دي ميستورا مشاورات غير رسمية مع المغرب وجبهة البوليساريو، إلى جانب عقد مشاورات مع أعضاء مجموعة أصدقاء الصحراء الغربية “فرنسا وروسيا وإسبانيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة” في نيويورك، ودعا القرار جميع الأطراف إلى استئناف المفاوضات بهدف “التوصل إلى حل سياسي عادل ودائم ومقبول للطرفين، يكفل لشعب الصحراء الغربية تقرير مصيره”.

وكان دي ميستورا، قد اجتمع، الاثنين، مع الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، لبحث الجلسة المرتقبة لمجلس الأمن الدولي بخصوص قضية الصحراء الغربية، قبل تقديم إحاطته أمام الأعضاء المجلس. وكان ممثل جبهة البوليساريو بالأمم المتحدة والمنسق مع بعثة الأمم المتحدة لتنظيم استفتاء تقرير المصير في الصحراء الغربية (المينورسو)، سيدي محمد عمار، أبدى تمسّك الشعب الصحراوي بتقرير مصيره، معتبراً إياه حلاً عادلاً ودائماً لتصفية الاستعمار من الصحراء الغربية.

وكان السفير الصحراوي، سيدي محمد عمار، ممثل جبهة البوليساريو بالأمم المتحدة والمنسق مع بعثة الأمم المتحدة لتنظيم استفتاء تقرير المصير في الصحراء الغربية “المينورسو”، قد أكد أن كل المطلوب اليوم من مجلس الأمن الدولي هو اتخاذ خطوات ملموسة لتمكين بعثة (المينورسو) من التنفيذ الكامل لولايتها ومنح الشعب الصحراوي حقه غير القابل للتصرف في تقرير المصير والاستقلال.

وأوضح سيدي عمار للصحافة، بأن مجلس الأمن الدولي قام بإنشاء “المينورسو” تحت سلطته، في أفريل 1991، بعد موافقة طرفي النزاع على خطة التسوية الأممية الإفريقية في أوت 1988، بولاية واضحة ومحددة هي تنظيم استفتاء تقرير المصير دون قيود إدارية أو عسكرية وحسب خطة مسبوقة بوقف لإطلاق النار.

ومنذ ذلك الوقت، يقول سيدي عمار، دأب المجلس على تمديد ولاية “المينورسو” دون الوصول إلى تنظيم لاستفتاء تقرير المصير، بسبب حالة الجمود التي توجد فيها عملية السلام والتي تعود بالدرجة الأولى إلى “عرقلة الاحتلال المغربي وتقاعس مجلس الأمن، تحت تأثير بعض من أعضائه الفاعلين”.

وشدد ممثل جبهة البوليساريو على أن استفتاء تقرير المصير يبقى “السبيل الوحيد المؤدي إلى الحل السلمي والعادل والدائم لقضية تصفية الاستعمار من الصحراء الغربية”، مضيفا بأن “ما عدا ذلك، فهو مجرد الدوران في حلقة مقاربة الغموض الهدام التي تحاول من خلالها بعض الأطراف تمييع الطبيعة الدولية للقضية الصحراوية وإطالة معاناة الشعب الصحراوي، ظنا منها أن جرائم دولة الاحتلال ستسقط بالتقادم”. وهنا جدد ممثل جبهة البوليساريو التأكيد على أن “الشعب الصحراوي مصمم على استرجاع سيادته على كامل ترابه الوطني مهما كلف ذلك من ثمن”.

وخلال تطرقه لدور المبعوث الشخصي للأمين العام إلى الصحراء الغربية لإعادة بعث مسار السلام، قال السفير الصحراوي بأنه “رغم المجهودات التي يقوم بها المبعوث الشخصي لتفعيل العملية السلمية، غير أن المشكل الجوهري ما زال قائما بسبب التلازم بين غياب الإرادة السياسية لدى دولة الاحتلال المغربية وتقاعس مجلس الأمن الدولي عن ضمان التنفيذ الكامل لولاية المينورسو”. وبالتالي، يضيف السفير الصحراوي، فإن سعي بعض الأطراف لحصر دور مجلس الأمن في “دعم مجهودات المبعوث الشخصي” ما هو إلا “محاولة لتبرير هذا التقاعس وتحويل مركز ثقل إدارة عملية السلام من المجلس إلى المبعوث الشخصي”.

حميد سعدون

حميد سعدون

اقرأ أيضا