الباحث الجزائري في الشؤون الدولية عبد الرحمان بوثلجة: المقاومة الفلسطينية تضع كرة النار في مرمى الغرب

أفاد الأستاذ والباحث الجزائري في الشؤون الدولية، عبد الرحمان بوثلجة، أنّ قيام حركة المقاومة الإسلامية “حماس” بتنفيذ عملية “طوفان الأقصى” بتاريخ السابع من أكتوبر 2023، جاءَ بعد أن وضعت الحركة في حسبانها وبعين الاعتبار مجموعة من السيناريوهات المحتملة بما في ذلك السيناريو الموجود حاليا، ونتحدث هنا عن حالة التدمير الشبه كلي لقطاع غزّة، والدعم المنقطع النظير والإسناد الغربي المفضوح للكيان الصهيوني في حربه الشعواء التي يشنها ضد أبناء الشعب الفلسطيني الأعزل للشهر السابع على التوالي.

وفي هذا الصدد، أوضح الأستاذ بوثلجة في تصريح لـ “الأيام نيوز”، أنّ كل الأحداث الجارية على الأرض في غزّة بما فيها تلك التضحيات الجسّام التي قدّمها سكان القطاع، كانت من بين السيناريوهات التي توقعتها المقاومة قبل تنفيذها لعمليتها النوعية بتاريخ السابع من أكتوبر الماضي، وذلك باعتبار أنّ المقاومة الفلسطينية كانت قد حضّرت وبشكلٍ جيّد لهذه العملية على مدار عدّة سنوات، ودرست تأثيراتها من كل الجوانب، لذلك نجحت وبشكلٍ لافت ومنذ بدء العدوان في إدارة المشهد وبكل احترافية، سواءً كان ذلك من الناحية السياسية أو من الناحية العسكرية.

في السياق ذاته، أشار محدّثنا إلى أنّ حماس من الناحية العسكرية كانت تواجه وتقاوم بكل بسالة العدوّ الصهيوني عندما يحاول في كل مرة التوغل والسيطرة على منطقة ما في القطاع، وتجبره على الانسحاب منها بعد خوضها لمعارك ضارية، لتعود المقاومة مجددا إلى نفس المنطقة وتطلق منها صواريخ اتجاه معاقل جيش الاحتلال، وتبدأ من جديد في تنظيم توزيع الإغاثات والمساعدات الإنسانية في نفس المنطقة دائما.

أما من الناحية السياسية، فيقول الخبير في السياسة: “إنّ حركة المقاومة الإسلامية “حماس” نجحت نجاحاً مُبهراً في إدارة المفاوضات الجارية مع الجانب الصهيوني، سواءً في جزئها الأول الذي انتهى بإطلاق سراح عدد من الرهائن الإسرائيليين مقابل إطلاق سراح الكثير من الأسرى الفلسطينيين أو من خلال المفاوضات الحالية، والتي تديرها باحترافية منذ اجتماع باريس ومنذ اجتماع اللجنة الرباعية التي تتكون من الولايات المتحدة الأمريكية، مصر، قطر بالإضافة إلى الكيان الصهيوني، فهي تدير المشهد كما  ينبغي وبهذا جعلت الحكومة الصهيونية المتطرفة في “إسرائيل” تعيش أزمةً حقيقية من خلال الانتقادات والضغط التي تواجهه حكومة الاحتلال سواءً من مواطنيها أو من المجتمع الدولي وحتى من الولايات المتحدة الأمريكية الداعم رقم واحد للاحتلال الإسرائيلي”.

على صعيدٍ متصل، أبرز الباحث في الشؤون الدولية، أنّ الكيان الصهيوني ومن ورائه الغرب كان يعوّل على انكسار المقاومة الفلسطينية واستسلامها، لكن ما حدث كان عكس ذلك تماماً، حيث أنّ الكيان الصهيوني تقريبا انسحب من قطاع غزّة بالرغم من تواصل غاراته الجوية ورغم تهديده باجتياح رفح، ويعيش اليوم أزمةً حقيقة، وينتظر فقط متى تصل مفاوضات التهدئة إلى نتيجة، لذلك فهو متحمس كثيرا للمبادرة المصرية الأخيرة التي تضمنت بعض التعديلات على غرار إطلاق سراح عدد أقل من الرهائن الإسرائيليين، وكذلك الحديث عن هدنة لمدة سنة.

وأردف محدث “الأيام نيوز” قائلا: “إنّ المقاومة الفلسطينية تجيدُ تسيير الحرب الحالية ولا أستغرب أن يصدر منها قراراً بشأن حل الجناح العسكري وتحوّلها إلى حزب سياسي مقابل قيام دولة فلسطينية لأنّ هذا هو الهدف الأساسي والجوهري للمقاومة، فصحيح أنّ القطاع كان يُعاني ويلات الحصار على مدار عدة سنوات، لكن الهدف من وراء عملية السابع من أكتوبر 2023، كان إعادة القضية الفلسطينية إلى المشهد وإلى الساحة الدولية ولكن بالطريقة التي يفهمها الإسرائيلي وبالطريقة التي يفهمها الداعمين له، لأنه تم التعويل في السابق على الحلول السلمية وعلى المفاوضات وعلى اتفاق أوسلو لكن ذلك لم يؤدي إلى قيام الدولة الفلسطينية، وحماس والمقاومة الفلسطينية بكل فصائلها وأطيافها رأت أنّ عملية “طوفان الأقصى” هي التي ستؤدي إلى قيام دولة فلسطينية ولو بتضحيات أكبر ولو بمأساة أكبر”.

إلى جانب ذلك، أفاد الأستاذ بوثلجة، أنّ حركة حماس كانت قد غيّرت من ميثاقها في عام 2017، حيث توافقُ الحركة على قبول دولة فلسطينية على طول حدود عام 1967 دون الاعتراف بـ “إسرائيل”، وأن تعرض هدنة طويلة الأمد مع الكيان الصهيوني تمتد لعشرات السنوات، حتى يأتي جيل آخر جيل قادم هو من يقرّر ما الذي يفعله مع أراضي 1948.

في سياق ذي صلة، أشار الباحث في الشؤون الدولية، إلى أنّ المقاومة الفلسطينية للأسف الشديد تتعرّض إلى ضغوطات كبيرة من قبل بعض الدول العربية بهدف التوصّل إلى اتفاق هدنة على مقاس الجانب الصهيوني من خلال التنازل عن بعض مطالبها، لكن المقاومة الفلسطينية الباسلة لا تزال ثابتة ومتمسّكة بشروطها التي تؤكّد في كل مرة أنها هي نفسها مطالب الشعب الفلسطيني بدايةً بمطلب وقف العدوان الصهيوني الجائر وضمان عودة كل النازحين إلى شمال غرب القطاع، وُصولا إلى ضمان دخول المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى كل قطاع غزّة.

وفي هذا الشأن، أوضح محدثنا، أنّ حماس وضعت الكيان الصهيوني ومن ورائه الغرب وعدد من الدول العربية في أزمة حقيقية، خاصةً وأنّ كمية المساعدات الإنسانية التي تدخل إلى القطاع أصبحت أكبر من السابق، وبالتالي هذه الورقة لم يعد يعتمد عليها الاحتلال في الضغط على المقاومة، حتى أنّ العمل العسكري الذي كان الكيان الصهيوني في كل مرة يروّج على أنه يضغط من خلاله على المقاومة الفلسطينية من أجل استرجاع أسراه لم يعد متاحا، بعد الهزائم المتوالية والخسائر الفادحة التي يتكبّدها جيش الاحتلال في العتاد والأفراد، خلال المواجهات والعمليات البطولية التي قامت بها المقاومة الفلسطينية في معارك ضارية مع العدوّ، حيث كبّدته مئات القتلى وآلاف الجرحى والمصابين الذين يعانون من صدمات نفسية وما إلى ذلك.

وفي ختام حديثه لـ “الأيام نيوز”، أبرز الأستاذ والباحث في الشؤون الدولية، عبد الرحمان بوثلجة، أنّ حماس ومن خلال قرار الذهاب إلى حلّ قوتها العسكرية ووضعها تحت تصرف الدولة الفلسطينية في حدود 67، قد وضعت الكرة في مرمى الغرب وكذلك في مرمى بعض حلفائه من المنطقة وبشكلٍ خاص بعض الدول العربية، ولسان حالها يقول “إذا كنتم تريدون حقيقةً السلام فنحن نريد السلام ويمكننا حتى حلّ الجناح العسكري الذي بسببه تلفّقون لنا تهمة الإرهاب، ونتحوّل إلى حزب سياسي، لكن لن يكون ذلك إلاّ من خلال السماح لنا بإقامة دولتنا الفلسطينية على حدود 67″، وهذا على الأقل الذي يتفق عليه كل العرب والمسلمين، وأغلب دول العالم.

سهام سعدية سوماتي - الجزائر

سهام سعدية سوماتي - الجزائر

اقرأ أيضا