خارطة المواجهة المسلّحة تتّسع وتتعمّق.. إلى أين تتجه المنطقة؟

تعرّضت قاعدة “كالسو” التّابعة للحشد الشّعبي في بابل، جنوب العاصمة العراقية، لهجوم تسبّب في انفجارات لم يعرف مصدرها، فهل كانت طائرات أو ضربات صاروخية أم عملية تخريب خاصّة على الأرض؛ زاد الحادث غموضًا نفي الاحتلال الإسرائيلي مسؤوليته عن الهجوم ونفي القيادة المركزية الأمريكية في البحرين مسؤوليتها، لتنضمّ إليها قوّات التّحالف الدّولي لمكافحة الإرهاب بالنّفي.

في المقابل، أعلنت المقاومة الإسلامية العراقية استهدافها فجر السبت ميناء إيلات (أم الرشراش) جنوب فلسطين المحتلّة، -كانت استهدفته في وقت سابق من هذا الشّهر- ما تسبّب في إصابة هنجر يحوي قطعة بحرية “إسرائيلية” من طراز “ساعر”، الأمر الذي اعتبره الإعلام العبري تطورًا خطيرًا ودقيقًا في المواجهة مع العراقيين.

من ناحية أخرى، تواصل الاشتباكات على جانبي الحدود اللّبنانية الفلسطينية برشقات صاروخية من لبنان استهدف فيها حزب الله قوّات “إسرائيلية” ومواقع تجسّسية، مقابل غارات جوية شنّها الاحتلال الاسرائيلي جنوبي لبنان، وهي جبهة لم تهدأ منذ الثّامن من أكتوبر 2023، حيث تشهد صعودًا وتهدئة.

في طولكرم وتحديدًا في مخيّمها نور شمس تواصلت الاشتباكات داخل المدينة لتسفر عن استشهاد 5 من المقاومين الفلسطينيين، وإصابة تسعة من جنود الاحتلال من ضمنهم ضابط في جيش الاحتلال في عملية امتدت لليوم الثاني دون توقّف.

في قطاع غزّة لم تتوقّف المجازر “الإسرائيلية” التي سارت بالتّوازي مع اشتباكات مع المقاومة الفلسطينية وصفها الإعلام الحربي “الإسرائيلي” بأنّها معارك وجه ولوجه مع المقاومة وسط قطاع غزّة؛ وتخلّله أحاديث عن بناء مستوطنات على طريق صلاح الدين نتساريم فيما يشبه الحرب النّفسية لرفع الروح المعنوية للاحتلال وداعميه وتحطيمها لخصومه ومقاوميه.

في الآن ذاته، خيّمت أجواء التّوتر على البحر الأحمر ومضيق باب المندب والخليج العربي، فعمليات الحوثيين لم تتوقّف في حين أنّ ظلال المواجهة بين إيران والكيان المحتل لا زالت ثقيلة في المنطقة، إذ لم تغادرها بعد، فإيران لا زالت متحفّزة في الخليج العربي بعيد سيطرتها على سفينة شحن يملكها مستوطن “إسرائيلي” في الخليج العربي الأسبوع الماضي.

يوميات الحرب في غزّة والإقليم تحوّلت إلى روتين شبه يومي لم يكسر رتابته سوى المواجهة التي خاضتها إيران مع الكيان الإسرائيلي مؤخّرًا، وحديث قطر عن مراجعة وساطتها في مفاوضات وقف إطلاق النّار وصفقة التّبادل بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي.

أمام هذا المشهد المتأزّم والمحتقن عسكريًا بدت مفاوضات وقف إطلاق النّار وعقد صفقة إطلاق سراح الأسرى معطّلة، في حين أنّ توجّه رئيس المكتب السّياسي لحركة حماس إسماعيل هنية إلى تركيا يوم الجمعة بالتّزامن مع وصول وزير الخارجية المصري سامح شكري إلى أنقرة يوم السبت، أبقى الباب مواربًا لإمكانية البحث عن أفق جديد ينهي العدوان على قطاع غزّة، ويخفّض التّصعيد الآخذ في الاتساع إقليميًا على نحو يضع المنطقة على الحافّة بين الحين والآخر.

يوميات الحرب في قطاع غزّة والإقليم باتت مرهقة سياسيًا واستخباريًا قبل أن تكون مرهقة عسكريًا بالمعنى المطلق للكلمة، فغياب الأفق السّياسي والعجز عن طرح حلول سياسية بفعل الانغلاق السّياسي الأمريكي والإسرائيلي، يفتح الباب واسعًا لإمكانية إطلاق مزيد من جولات التّصعيد خلافًا لكلّ التّصورات المتفائلة التي تبحث عن سراب حلّ لن يأتي به نتنياهو أو بايدن في الأمد المتوسّط، ما يعني ضرورة الاستعداد لمزيد من التّصعيد والتوتّر في فلسطين والإقليم.

حازم عياد - باحث سياسي أردني

حازم عياد - باحث سياسي أردني

اقرأ أيضا