موقف ألمانيا على المحكّ.. فرصة تاريخية للتخلص من ابتزاز اللوبي الصهيوني!

تقف ألمانيا للمرّة الثّانية في الجانب الخاطئ من التّاريخ، وبدلًا من أن تتحرّر من سطوة اللّوبي الصّهيوني الذي يبتزّ الشّعب الألماني منذ نهاية الحرب العالمية الثّانية وحتّى اليوم، تواصل تكبيل يديها بهذا اللّوبي الجشع المتعطّش دائمًا للأموال ولمطاردة أيّ صوت ينتقد الدّولة المارقة والمنبوذة في فلسطين المحتلّة.

أكثر من 82 مليار دولار حصلت عليها سلطة الاحتلال من ألمانيا بحجّة المحارق النّازية، وهو مبلغ ضخم استثمره الاحتلال في قمع الشّعب الفلسطيني وفي مصادرة أراضيه، وارتكاب مجازر لا تعدّ ولا تحصى من كثرتها توّجها بالإبادة الجماعية في قطاع غزّة على مرأى من العالم أجمع، وعلى مرأى من الحكومة الألمانية نفسها.

في معرض ردّها في مرافعتها أمام محكمة العدل الدّولية قالت ألمانيا إنّ أمن سلطة الاحتلال “الإسرائيلي” هو “في صميم” السّياسة الخارجية لبرلين، رافضة بشكل حازم اتهامات نيكاراغوا ومفادها أنّ ألمانيا “تسهّل الإبادة” في غزّة بسبب تصدير الأسلحة إلى سلطة الاحتلال بالتّزامن مع العدوان على غزّة.

وشدّد محامو نيكاراغوا على أنّ ألمانيا تنتهك اتفاقية الأمم المتحدة لمنع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها المبرمة العام 1948.

وتخنق الحكومة الألمانية أيّ صوت ينتقد جرائم الاحتلال في غزّة وهي جرائم حرب وإبادة وفقًا لتقارير صدرت عن منظّمات وهيئات وشخصيات تتبع الأمم المتّحدة.

ومن الأدلّة على هذا التّضييق على المحتوى والصّوت المساند للشّعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة، فقد قرّرت هيئة الإذاعة والتّلفزيون في جنوب غرب ألمانيا “SWR”، قبل أيّام فصل مذيعة لديها من أصول سورية ومولودة في ألمانيا عقب دعوتها إلى مقاطعة المنتجات “الإسرائيلية” تضامنًا مع الشّعب الفلسطيني في قطاع غزّة.

وكان مشهد اعتداء رجال الشّرطة الألمانية بشدّة على سيدة مسلمة ترتدي الحجاب داخل محطّة القطار المركزية في برلين، ضمن القمع الشّديد الذي قوبلت به مظاهرة مؤيّدة للشّعب الفلسطيني، مثيرًا للغضب على نطاق واسع في منصّات التّواصل.

وأظهر المقطع العديد من ضبّاط الشّرطة وهم يحيطون بالسّيدة قبل أن يسقطوها أرضًا بعنف شديد، وهي تصرخ وتقول: “ما هذا؟ ماذا تفعل؟”. وسارع شرطيان إلى تثبيت السّيدة على الأرض خلال اعتقالها، فيما تتصاعد صراخات المحيطين بها إثر قمع الشّرطة الألمانية للمتظاهرين واعتقال العديد منهم، واحتجزت الشّرطة المرأة المحجّبة رغم أنّها لا تشكّل أيّ تهديد.

العالم أجمع بدأ يتحدّث عن جرائم سلطة الاحتلال وبشكل خاص تعمّد تجويع سكّان القطاع بمنع دخول المساعدات وإذا دخلت يتمّ قتل المشرفين عليها، كما بدأ الحديث عن تحوّل هذه الدّولة المصطنعة في قلب الوطن العربي إلى دولة محاصرة ومعزولة عن المحيط الإنساني بأكمله، بعد تعمّدها قتل وإصابة أكثر من 100 ألف فلسطيني غالبيتهم من الأطفال والنّساء.

نظنّ أنّ هذه هي الفرصة المناسبة للحكومة الألمانية للتخلّص من عبء الصّهيونية، والتحرّر من تاريخ مضى عليه أكثر من 80 عامًا، وحان الوقت لإغلاق الملف وعدم الخضوع من جديد لابتزاز لوبي لا يشبع ومتسلّق على حبال الكذب والمراوغة.

وربّما تكون قضيّة نيكاراغوا ضدّها أمام محكمة العدل الدّولية فرصة لليقظة إذ لا يمكن بقاء ألمانيا تدفع ثمن حدث تاريخي قديم نسيه العالم إلى الأبد

علي سعادة - كاتب وصحفي أردني

علي سعادة - كاتب وصحفي أردني

اقرأ أيضا