غزة والتضخم وتأمين الحدود.. الأمريكيون يحدّدون أولوياتهم في رئاسيات 2024

تجاوزت قضية الهجرة غير النظامية، الوضع الاقتصادي والتضخم، باعتبارها مصدر القلق الأكبر بالنسبة إلى الناخبين الأمريكيين في الانتخابات المرتقب تنظيمها في الـ 5 نوفمبر 2024، وحسب استطلاع جديد أجراه مركز الدراسات السياسية الأمريكية بجامعة هارفارد “CAPS”، فإنّ اختيار غالبية الناخبين للرئيس المقبل للولايات المتحدة، سيعتمد على مدى إقناعهم بقدرته على التعاطي مع التدفق المتزايد للمهاجرين غير النظاميين، عبر الحدود الجنوبية للولايات المتحدة، مع المكسيك. 

وسعى الرئيس السابق دونالد ترامب، المرشح الجمهوري المفترض للانتخابات الرئاسية لعام 2024، إلى جانب مرشحين جمهوريين آخرين في جميع أنحاء البلاد، إلى جعل الهجرة غير الشرعية وتأمين الحدود مع المكسيك قضية سياسية كبرى، وذلك على خلفية العدد الكبير من المعابر غير الشرعية التي تسلكها أعداد متزايدة من المهاجرين غير النظاميين، وصولا إلى الولايات الجنوبية للبلاد، منذ بداية فترة حكم الرئيس الحالي جو بايدن في 2021.

وأظهر استطلاع هارفارد “CAPS-Harris” أنّ 36℅ من المشاركين صنّفوا الهجرة غير القانونية، باعتبارها المشكلة الرئيسية التي تواجه البلاد، متفوقة على قضايا التضخم وارتفاع تكاليف المعيشة، والتي قال 33℅ إنّها قضيتهم الأولى.

ووفقا لما نقلته صحيفة “ذو دايلي كالر” – صحيفة إلكترونية يمينية – قال مارك بن، المدير المشارك لشركة استطلاعات الرأي “Poll The Harris” عندما يسأل الناس أنفسهم سؤال: هل أنا أفضل حالاً مما كنت عليه قبل أربع سنوات؟، فإنّ الإجابة التي ستكون على نحو متزايد هي “لا”، وأضاف قائلا: “إنّ العدد الكبير من الناخبين المستقلين الذين ما زالوا مترددين سيحدّدون هذه الانتخابات، وما زالوا يشعرون بالقلق شخصيا بشأن أزمة الحدود وارتفاع أسعار محلات البقالة الخاصة بهم”.

سياسة بايدن أحدثت طوفانا من المهاجرين غير النظاميين

ومن بين المشاركين في الاستطلاع، صنّف 53℅ من الجمهوريين و37℅ من الناخبين المستقلين، الهجرة باعتبارها القضية الأولى، في حين صنّف 26℅ من الديمقراطيين التضخم باعتباره القضية الأولى بالنسبة إليهم. هذا وتم تحديد الهجرة غير النظامية أيضا على أنها القضية الأولى من قبل عدد كبير من الناخبين البيض “39℅” والناخبين من أصل إسباني “41℅” وكذلك الناخبين في الضواحي “40℅”.

بالإضافة إلى ذلك، يعتقد 57℅ من المشاركين في الاستطلاع، أنّ بايدن لم يتناول ملف الهجرة غير النظامية بشكل جيد خلال خطابه عن حالة الاتحاد، أمام الكونجرس في الـ 7 مارس الماضي، رغم أنّ الخطاب يعدّ بمثابة عرض للإنجازات والبرامج المسطّرة لمعالجة القضايا التي تهمّ الأمريكيين.

وأشار 46℅ من المستجوبين في الاستطلاع أيضا، إلى أنّ أكبر فشل للرئيس الحالي جو بايدن، منذ توليه منصبه، قبل ما يقارب الأربع سنوات، هو أنه “وضع سياسة حدود مفتوحة”، خلّفت طوفانا تاريخيا من المهاجرين، حيث كان هذا التصنيف أعلى بنسبة 21℅ من إخفاقاته المتوقعة في التعامل مع التضخم، وتردّي الوضع الاقتصادي.

وتواجهت دورية الحدود الأمريكية ما يقرب من 250 ألف مرة مع مهاجرين عابرين إلى الولايات المتحدة عن طريق الحدود مع المكسيك في شهر ديسمبر 2023، وفقا للإحصاءات الحكومية. وكان هذا أعلى إجمالي شهري مسجّل، متجاوزا الذروة السابقة التي بلغت حوالي 224 ألف مواجهة في شهر ماي 2022.

وارتفع العدد الشهري لمواجهات دورية حراس الحدود الأمريكية منذ عام 2020، عندما أجبرت جائحة فيروس كورونا، السلطات على غلق الحدود، وتم تسجيل ألف مواجهة في أفريل 2020، وكان هذا العدد الإجمالي الشهري، الأدنى منذ عقود. ومنذ ذلك الحين، تجاوز العدد الشهري لمواجهات حراس الحدود مع المهاجرين غير النظاميين، على الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك 200 ألف في 10 مناسبات منفصلة، ولم يتم الوصول إلى هذه العتبة من قبل منذ مارس 2000، عندما كان هناك حوالي 220 ألف مواجهة.

هذا وليس من الواضح ما إذا كانت الأعداد المرتفعة الأخيرة من المواجهات على الحدود ستستمر في الإرتفاع، خلال الأشهر المتبقية من عام 2024، ففي شهر جانفي الماضي، انخفض عدد المواجهات مع المهاجرين بطرق غير قانونية، إلى حوالي 124 ألفا، وفقا لإحصائيات نشرها ” Pew Research Center” أو مركز بيو للأبحاث.

وأظهر استطلاع أجراه “مركز بيو للأبحاث”، سابقا، أنّ الرأي العام الأمريكي غير راض على نطاق واسع عن كيفية تسيير الأمور على الحدود الجنوبية للولايات المتحدة الأمريكية، حيث قال ثمانية من كل عشرة بالغين أمريكيين، إنّ الحكومة تقوم بعمل سيئ للغاية أو سيئ إلى حد ما، حين يتعلّق الأمر بالتعامل مع العدد الكبير من المهاجرين الذين يسعون إلى دخول الولايات المتحدة على الحدود مع المكسيك، بطرق غير قانونية. كما وصف كثيرون الوضع بأنّه إما أزمة “45%” أو مشكلة كبيرة “30℅”، بالنسبة إلى أمن الولايات المتحدة، والمواطنين الأمريكيين.

سميرة بلعكري - واشنطن

سميرة بلعكري - واشنطن

اقرأ أيضا